أو أن هذه اللفظ مدرجة من عثمان بن حنيف على ما فهم، وقد خالفه من هو أعلم منه من الصحابة وهم عمر ومن معه من الصحابة عندما استسقوا بالعباس والحديث رواه البخاري (2/ 574 و 7/ 96 – فتح).
وخالف شعبة وحماد، هشام الدستوائي، فرواه: عن أبي جعفر، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه، به.
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (6/ 210)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (660).
وهذا الإسناد صحيح.
وتابع هشام الدستوائي، روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي به.
أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (2/ 197)، والحاكم في " المستدرك " (1/ 526)، وأبونعيم في " معرفة الصحابة " (4/ 1690 / 4929).
من طريق عون بن عمارة، عن روح بن القاسم، به.
وإسناده ضعيف؛ عون بن عمارة قال البخاري: " يعرف وينكر "، وقال أبوزرعة: " منكر الحديث "، وضعفه أبوداود (تهذيب التهذيب 4/ 427).
وتابع عوناً، شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، به.
أخرجه الحاكم في " المستدرك " (1/ 526 – 527)، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (628)، والبيهقي في " دلائل النبوة " (6/ 167 و 168)، وعبدالغني المقدسي في " الترغيب في الدعاء " (62).
من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد، عن أبيه، عن روح بن القاسم، به.
أحمد بن شبيب، قال أبوحاتم: " صدوق "، ووثقه ابن حبان (تهذيب التهذيب 1/ 27).
وتابعه إسماعيل بن شبيب، عن أبيه، به.
أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (1/ 167 – 168).
وإسماعيل هذا لم أقف على ترجمته، وكنت أظن أنه تحريف في المطبوع من " الدلائل "، ولكن وجدت ابن تيمية نقله هكذا في " التوسل والوسيلة " (ص 109).
وشبيب بن سعيد ضعيف إلا في حديث ابنه عنه عن يونس – كما بيّن الألباني في " التوسل " (ص 94 – 95) –، وهذا ليس من حديثه عن يونس.
وخالف أحمد وإسماعيل ابنا شبيب، ابن وهب، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف:
أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان – رضي الله عنه – في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلي فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك – جل وعز –، فيقضي لي حاجتي، فصنع ما قال له عثمان، ثم أتى باب عثمان، فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فأتنا، ثم أن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً! ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: والله! ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأتاه ضرير، فشكا عليه ذهاب بصره، فقال له النبي – صلى الله عيه وآله وسلم –: " أفتصبر؟ "، فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد، وقد شق علي، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم –: " إيت الميضأة، فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات ".
قال عثمان: فوالله! ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط.
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير " (6/ 210)، وابن أبي حاتم في " العلل " (2/ 190 / 2064)، والطبراني في " المعجم الكبير " (9/ 30 – 31/ 8311)، و " المعجم الصغير " (1/ 306 – 307/ 508 – الروض الداني)، و " الدعاء "، وأبونعيم في " معرفة الصحابة " (4/ 1959 – 1960/ 4928)، وابن قانع في "معجم الصحابة " (2/ 258).
قال الطبراني: " لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبوسعيد المكي وهو ثقة، وهو الذي يحدث [عنه] أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأبلي ".
وهذا منكر، فإن ابن وهب حدّث عن شبيب بمناكير كما قال ابن عدي في " الكامل " (4/ 30).
وأيضاً فإن طرق الحديث الأخرى ليس فيها ذكر لهذه القصة.
وحكم بنكارة هذه القصة الألباني في " التوسل " (ص 95)، وأعلها ابن تيمية في " التوسل والوسيلة " (ص 110 – 112).
الخلاصة: أن الحديث صحيح، وقد صحح أبوزرعة حديث شعبة، وخالفه ابن المديني (الدعاء للطبراني 2/ 1290) وابن أبي حاتم فصحح حديث هشام الدستوائي وروح بن القاسم (العلل 2/ 189 – 190)، وعندي أن الحديث محفوظ على الوجهين.
ومعنى قوله: " أتوجه إليك بنبيك – صلى الله عليه وسلّم – " أي بدعائه، كما في قول عمر الذي رواه البخاري: " كنا نتوسل إليك بنبينا "، أي: بدعائه، وليس بذاته وإلا لما عدل عنه وتوسل بدعاء العباس.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وكتب
أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي الأثري
ضحى السبت 26 / رجب / 1425
مصر – الإسكندرية
¥