ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 12 - 04, 01:46 م]ـ
الحمد لله تعالى. والصلاة الزاكية على محمد تتوالى. وبعد
الشيخ الفاضل / محمد الأمين
أيَّده الله بتوفيقه، وبارك فيه، وأرانا وإيَّاه الحق، ورزقنا اتباعه بمنه وكرمه.
قال الإمام أبو عيسى الترمذى (2230): حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي)).
قَالَ أَبُو عِيسَى: ((وَفِي الْبَاب عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)).
وكذلك فى الباب عن حذيفة بن اليمان، وأبي أمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وثوبان، وأنس بن مالك، وجابر، وابن عباس وغيرهم.
قلت: وبمثل قول أبى عيسى نقول، فقد حَفَظَهُ، وَضَبَطَهُ، وَأَقَامَ مَتْنَهُ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ القارئ الصدوق، ولم يأت ببدعٍ من القول، ولا أخطأ، ولا وَهِمَ، ولا خَالَفَ غيرَه ممن حفظ عن النَّبىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ما حفظ. ولو أقسم عارفٌ بقواعد هذا العلم وضروراته على ما قلتُه، لم يحنث، ولم يخالف الحقَّ والصوابَ. والشواهد من حديث غيره من الحفاظ والأثبات عن جمع من الصحابة بلغوا حدَّ الاستفاضة، وربما التواتر؛ تشهد بحفظه، وإتقانه، وضبطه لهذا الحديث خاصَّةً، وهذه الأدلة والقرائن هى التى ينبغى أن تراعى فى مثل حديثه ذا، ولذا حكم الإمام أبو عيسى على حديثه بأنه ((حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)).
ولست أعنى، كما يتبادر إلى الأذهان لمن لم يمعن الفهم لما ذكرته، أن أحاديث عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ كلَّها بهذه المثابة، ولا يخفى فهم هذا على من له إلمام، ولو يسير بأحاديثه فى ((الكتب الستة)).
وإن تكلم نفرٌ من أئمة الجرح فى عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، فليس مقتضى ذا ترك حديثه بمرَّة، ولا قصد ذلك أعظمُهم حملاً عليه وتجريحاً له، وهذا مما يعلم بالاستقراء من أحكامهم على جملة من أحاديثه. وإن لم يكن عاصمٌ بمحل الثقة الحجَّة كالأعمش ومنصور ونظرائهما، فليس بخافٍ على المستقصى الفَهِمِ لمدلولات كلام الأئمة فيه: توثيق الإمام أحمد بن حنبل إيَّاه وثناؤه عليه، ورضا الأئمة يحيى بن معين وأبى حاتم وأبى زرعة عنه. قال عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل: سألت أبى عن عاصم بن بهدلة، فقال: ثقة رجل صالح خير ثقة، والأعمش أحفظ منه، وكان شعبة يختار الأعمش عليه في تثبيت الحديث. وقال: وسألت يحيى بن معين عنه فقال: ليس به بأس. وقال: وسألت أبى عن حماد بن أبى سليمان وعاصم، فقال: عاصم أحب إلينا، عاصم صاحب قرآن، وحماد صاحب فقه. وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عنه، فقال: هو صالح، هو أكثر حديثا من أبى قيس الأودي، وأشهر منه وأحب إلىَّ من أبى قيس. وقال: سئل أبى عن عاصم بن أبى النجود وعبد الملك بن عمير، فقدَّم عاصماً على عبد الملك، وقال: عاصم أقل اختلافا عندي من عبد الملك. قال: وسألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة، فذكرته لأبي، فقال: ليس محله أن يقال: هو ثقة، وقد تكلم فيه ابن علية. قال: وذكر أبى عاصم بن أبى النجود، فقال: محله عندي محل الصدق، صالح الحديث، ولم يكن بذاك الحافظ. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: عاصم صاحب سنة وقراءة للقرآن، وكان ثقة، رأسا في القراءة، ويقال: إن الأعمش قرأ عليه وهو حدث، وكان يختلف عليه في زر وأبي وائل. وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب، وهو ثقة.
ولله در أبى بكر البزار حيث قال: لم يكن بالحافظ، ولا نعلم أحداً ترك حديثه على ذلك، وهو مشهور.
فمثل عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ ممن لا ينزل حديثه عن الحسن، ويرتقى بالاعتبار والشاهد إلى الصحيح. وحديثه ((لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي)) بهذه السبيل.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وأما سؤال الشيخ الفاضل محمد الأمين ((هل يُقبل تفرد عاصم بهذا الحديث؟)).
فأقول: ليس في كل ما ذكرناه آنفاً، إلا البحث فى شهرة الحديث واستفاضته عن عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، واستقصاء رواته عنه، فلا يفهم من مقصود البحث بهذا التحديد والتوصيف: تفرد عاصم به، فهو لم يتفرد به عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وإن كان الحديث مشهوراً من روايته!. وفى ذكر رواته عن زِرٍّ بحث آخر، لو أردنا استيفاءه لطال المقام، ولكن نكتفى بذكر راوٍ آخر له عن زِرٍّ، وهو عَمْرُو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِىُّ، لندفع عن عَاصِمٍ تهمة التفرد:
قال بحشل ((تاريخ واسط)): حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن فهد بن هلال ثنا عبدالله بن علي السمسار ثنا يُوسُفُ بْنُ حَوْشَبٍ ثَنَا أبُو يَزِيدَ الأَعَوْرُ عَنْ عَمْرُو بْنِ مُرَّةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي))
وأخرجه كذلك الطبرانى ((الكبير)) (10/ 131/10208)، وابن عدى ((الكامل)) (7/ 168)، وأبو نعيم ((حلية الأولياء)) (5/ 74) من طرقٍ عن يوسف بن حوشب الواسطى به.
وقال أبو نعيم: ((قال محمد بن عمر: سألت أبا العباس بن عقدة عن أبي يزيد الأعور، فقال: هو خلف بن حوشب. وهذا غريب من حديث يوسف بن حوشب وخلف، لم نكتبه إلا من هذا الوجه)).
¥