روى مسلم رحمه الله في صحيحه (1/ 266) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد " وهو عند أبي داود (4018)، الترمذي (2793).وفي هذا الحديث النهي عن النظر إلى عورة المرأة وهي ما سوى المظهر عرفاً ولو لم يحصل الوصف من الناظرة عن المنظور إليها.
ثانياً: أدلة القائلين بأن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل:
ذهب جمهرة من الفقهاء إلى أن عورة المرأة من المرأة كعورة الرجل من الرجل وإلى أن للمرأة أن ترى من المرأة ما يجوز أن يراه الرجل من الرجل، واستدلوا ـ كما يتبين بالاستقراء والتتبع ـ لقولهم هذا بأدلة وهي:
الدليل الأول:
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل من السرة من العورة " رواه الدارقطني (879) والبيهقي من طريقه (3237).
قالوا: هذا الحديث نص صريح في تحديد العورة وهو عام للرجال والنساء فليس في الحديث تحديد فيحمل على العموم. كما يشهد له الحديث التالي.
الدليل الثاني:
ما جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" علموا صبيانكم الصلاة وأدبوهم عليها في عشر وفرقوا بينهم في المضاجع،وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة " رواه البيهقي (3236). ورواه أبو داوود (4113) بلفظ: " إذا زوج أحدكم عبده أمته، فلا ينظر إلى عورتها " وجاء تفسير هذه اللفظة برواية أخرى وهي عند أبي داود (496) أيضاَ:" فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة ".
الدليل الثالث:
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتاً يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء "
رواه أبو داود (4007)، وابن ماجه (3854).
الدليل الرابع:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احذروا بيتاً يقال له الحمام " قالوا: يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض قال: " فمن دخله فليستتر ". والحديث فيه جواز دخول الحمام بشرط الاستتار أي للعورة، وليس في الحديث منع النساء من دخوله إلا بشرط وهو الاستتار للعورة فقط، فإذاً الضرورة إلى انكشاف ما سوى العورة متحققة فيما بينهن، وسبق تحديد العورة في حديث أبي أيوب وحديث عبد الله بن عمرو والذي جاء من طريق عمرو بن شعيب.
الدليل الخامس:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما كتبه إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه:" بلغني أن نساءً من نساء المسلمين قبلك يدخلن الحمام مع نساء مشركات فإنه عن ذلك أشد النهي فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها ".
ففي هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه النص على إباحة رؤية العورة للنساء المؤمنات فيما بينهن ويحمل على ما سوى العورة المغلظة.
الدليل السادس:
قال صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ". ففي هذا الحديث دليل على التساوي في حدود العورة بدلالة الاقتران والقياس، وقد ثبت عندنا أن عورة الرجل من الرجل ما بين السرة إلى الركبة فكذلك المرأة.
الدليل السابع:
إجماع أهل العلم على جواز قيام المرأة بتغسيل المرأة كما يغسل الرجل الرجل، فكما للرجل الاطلاع على ما فوق السرة ودون الركبة من الرجل حياً و ميتاً، فيجوز إذن أن تظهر المرأة للمرأة ما فوق السرة ودون الركبة لوجود المجانسة التي تبيح ذلك، فالناظر والمنظور إليه كلاهما من النساء.
وردوا على من احتج عليهم بالآية بأنها لا تفيد ما فهمه المانعون لأن دلالة الاقتران ضعيفة ومن القرائن على ضعف مأخذ القائلين بها ذكر البعل في الآية، فهي إذا لا تفيد التساوي فيما يجوز إظهاره، بل غاية ما تفيده اشتراكهم في المنع من اطلاعهم على جزء من الزينة الخفية كل بحسبه، وللنساء الاطلاع على ماعدا ما بين السرة والركبة وإظهاره فيما بينهن للأدلة السابق ذكرها.
اعتراض المانعين:
¥