الولائم. فهم في الحقيقة يسرفون، تجده يطبع كروتاً للدعوة، الكرت يكلف ريالاً ونصف أو خمسة ريالات أو عشرة ريالات، مع أن الكرت إذا أعطي شخصاً يرمي به في الأرض ولا ينتفع به، والعجب أنهم لا يكتفون ببطاقة دعوة بأن يكتب مثلاً الدعوة في ورقة ويصور منها ما شاء، ولا تحتمل إلا عشرين ريال أو ما أشبه ذلك. المهم يا إخواني أن النكاح الآن له عقبات كثيرة مع أنه سنة، ويترتب عليه أحكام شرعية عظيمة، حتى إن الله تبارك وتعالى جعله قسيماً للنسب - يعني: للقرابة - بنو آدم الرابطة بينهم القرابة والمصاهرة، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] نسباً أي: قرابة، وصهراً أي: قرابة بالنكاح، تجد هؤلاء القوم ليس بينهم وبين الآخرين صلة، فإذا تزوج منهم صاروا كأنهم أقارب خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً [الفرقان:54]. ومن ثم أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله
سلم من النساء حتى مات عن تسع من أجل أن يكون له في كل قبيلة صلة، ولهذا لم يتزوج الرسول عليه الصلاة والسلام إشباعاً لشهوته وغريزته، ولكن لأجل أن يكون له في كل قبيلة من قبائل العرب صلة، ولو كان رجلاً شهوانياً لكان يتزوج الأبكار، مع أنه لم يتزوج بكراً إلا واحدة فقط، وهي أم المؤمنين عائشة والباقي كلهن قد تزوجن من قبل، وبعضهن لهن أولاد وبنات. فالحاصل يا إخواني: أن النكاح وشيجة وتقريب للناس بعضهم من بعض، وهذا من فوائد النكاح
من أسباب العنوسة: التشديد في الكفاءة
من الأمور المعلومة عند الفقهاء مسألة الكفاءة وحصل فيها خلاف بين الفقهاء من مثبت لها ومن ناف ومن مفصل كما سيأتينا بإذن الله
وكم من امرأة منعت من الزواج بسب عدم كفؤ الخاطب
والكفاءة بمفهومها العام مطلوبة وهي سبيل إلى التوافق بين الزوجين ولو عملنا إحصائية في أسباب الطلاق لوجدنا أن السبب الأكبر يكون في انعدام الكفاءة بين الزوجين فالتساهل في هذا الأمر غير محمود والتشديد فيه مذموم
وبعض القبائل كالأشراف مثلا يشترطون أن يكون المتقدم والخاطب من الأشراف وإلا ردوا الخاطب وهذا مذهب قديم لكنه مرجوح وهو شبه منقرض في عصرنا الحاضر لانتشار الأشراف في كثير من البلدان وانعدام التفاهم بينهم ,وانتشار المدنية وأصبح الجار والصديق أقرب من ابن العم البعيد الدار ,وهذا مشاهد وملموس ولا أظن أن أحدا ما زال يقول بهذا القول المرجوح نتج عنه انتشار العنوسة عند الأشراف خاصة
ونقول إن الكفاءة في حال الاختيار مطلوبة
وهو أدعى للتفاهم بين الزوجين لاتفاق العادات والتقاليد ولكن في حال الاضطرار فينبغي التساهل في شرط الكفاءة لأن بقاء البنت بلا زواج مفسدة ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح
قال سيد سابق في فقه السنة: (1/ 144)
وما من شك في أنه كلما كانت منزلة الرجل مساوية لمنزلة المرأة، كان ذلك أدعى لنجاح الحياة الزوجية، وأحفظ لها من الفشل والاخفاق.
ونعرض هنا أقوال الفقهاء في الكفاءة بالتفصيل
الكفاءة: هي المساواة، والمماثلة. والكف ء والكفاء، والكف ء: المثل والنظير. والمقصود بها في باب الزواج أن يكون الزوج كفئا لزوجته. أي مساويا لها في المنزلة، ونظيرلها في المركز الاجتماعي، والمستوى الخلقي والمالي.
الكفاءة تكون في خمسة أشياء في الدين والنسب والصناعة والميسرة والحرية
قال صاحب منار السبيل في الفقه الحنبلي (2/ 103): الكفاءة معتبرة في خمسة أشياء:
الديانة فلا تزوج عفيفة بفاجر لا نه مردود الشهادة والرواية وذلك نقص في إنسانيته فليس كفئا لعدل قال تعالى: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} [السجدة: 18] وعن أبي حاتم المزني مرفوعا: [إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا: يا رسول الله: وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات] رواه الترمذي وقال حسن غريب
والصناعة: فلا يكون صاحب صناعة دنيئة: - كالحجام والكساح والزبال والحائك - كفئا لمن هو أعلى منه لأن ذلك نقص في عرف الناس أشبه نقص السبب وفي حديث: [العرب بعضهم لبعض أكفاء إلا حائكا أو حجاما] قيل لأحمد: كيف تأخذ به وأنت تضعفه؟ قال: العمل عليه أي أنه يوافق العرف
¥