ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[18 - 03 - 08, 01:41 م]ـ
قلت: جملة ما تمسك به هذان الفاضلان من الأدلة يرجع إلى ثلاثة أصول:
- حديث النهي عن التحلق يوم الجمعة.
- حصول الإيذاء للمصلين به.
- عدم فعل النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة له.
و ها أنا ذا أشرع في بيان كل دليل و ما فيه، و الكشف عن كل حكم و معانيه. ملتزما الجادة في تحري الحق، و غايتي في أمري كله طلب مرضاة الله تعالى.
أولا: حديث النهي عن التحلق يوم الجمعة:
فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء و البيع في المسجد و أن تنشد فيه الأشعار و أن تنشد فيه الضالة و عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة»
هذا الحديث انفرد به محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب. و كلاهما فيه مقال.
أخرجه أحمد 2/ 179 (6676) قال: حدَّثنا يَحيى.
و " أبو داود " (1097) قال: حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يَحيى.
و " ابن ماجة " (749) قال: حدَّثنا عبدِ الله بن سعيد الكِنْدي، حدَّثنا أبو خالد الأحمر.
و في (766) و (1133) قال: حدَّثنا محمد بن رُمْح، أنبأنا ابن لَهِيعة (ح) و حدَّثنا أبو كُريب، قال: حدَّثنا حاتم بن إسماعيل.
و " التِّرمِذي " (322) قال: حدَّثنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا الليث.
و" النَّسائي " (2/ 47)، و في " الكبرى " (795) قال: أَخْبَرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرني يَحيى بن سعيد.
و في (2/ 48)، و في " الكبرى " (796)، و في " عمل اليوم و الليلة " (173) قال: أَخْبَرنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا الليث بن سعد.
و" ابن خزيمة " (1304) قال: حدَّثنا بُندار، ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدَّثنا يَحيى بن سعيد.
و في (1306) قال: حدَّثنا عبدِ الله بن سعيد الأشج، حدَّثنا أبو خالد. و في (1816) قال: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، حدَّثنا يَحيى بن سعيد.
خمستهم (يَحيى بن سعيد، و أبو خالد الأحمر، و ابن لَهِيعة، و حاتم بن إسماعيل، و الليث) عن محمد بن عَجلان به.
و أخرجه أحمد 2/ 212 (6991) قال: حدَّثنا على بن إسحاق، أَخْبَرنا عبد الله، يعنى ابن المُبارك، حدَّثني أُسامة بن زيد. و لفظه: " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البيع و الإشتراء في المسجد ".
و ليس فيه النهي عن التحلق.
أقوال العلماء في معنى الحديث
هذا، و قد اختلف العلماء في تأويله؛
- فقيل: المراد به كراهة التحلق للتدريس.
قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في "شرح السنة" (3/ 374): "و في الحديث كراهية التحلُّق و الإجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر و الصلاة و الإنصات للخطبة ثم لا بأس بالإجتماع و التحلُّق بعد الصلاة في المسجد و غيره ".
و قال الرازي في " تفسيره " (4/ 15): و اعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق و الإجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم بل يشتغل بالذكر و الصلاة و الإنصات للخطبة ثم لا بأس بالإجتماع و التحلق بعد الصلاة.
و قال الخطابي في "معالم السنن " (1/ 247): إنما كره الإجتماع قبل الصلاة للعلم و المذاكرة، و أمر أن يشتغل بالصلاة، و ينصت للخطبة و الذكر، فإذا فرغ منها كان الإجتماع و التحلق بعد ذلك.
- و قيل: المراد من النهي عن التحلق إذا عم المسجد.
قال البيهقي مترجما للحديث في "سننه " (3/ 234): باب من كره التحلق في المسجد إذا كانت الجماعة كثيرة و المسجد صغيرا وكان فيه منع المصلين عن الصلاة.
و أوضح هذا في كتاب " الآداب " له (1/ 326) فقال: و أما الذي رويناه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في النهي عن ذلك يوم الجمعة قبل الصلاة، فهو لما ذكرنا من المعنى في الترجمة.
و كذا قال النووي رحمه الله في " الخلاصة " (2/ 787) في ترجمة الحديث: (باب النهي عن التحلق في الجامع قبل الصلاة إذا كان فيه تضييق على المصلين، سواء التحلق للعلم أو غيره)
و قال الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (4/ 359): التحلق في المسجد قبل الصلاة مما عمه من ذلك فهو مكروه، و ما لم يعمه منه ولم يغلب عليه فليس بمكروه.
¥