تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل هذه المسألة تجوز أو لا تجوز هذه المسألة اختلف العلماء رحمهم الله فيها على قولين

القول الأول أن هذه المسألة لا تجوز وهذا ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية وهو المشهور من مذهب الشافعية وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وقد روي عن عدد من الصحابة والتابعين،

القول الثاني: جواز التعامل بمسألة ضع وتعجل وهذا القول قد روي عن ابن عباس رضي الله عنها وقال به بعض الشافعية والحنفية وهو رواية عند الحنابلة

والجمهور استدلوا بأدلة من السنة وإن كان في إسنادها ضعف الحقيقة ولو كانت صحيحة لكانت حجة في هذا الباب ولكنها ضعيفة

منها حديث المقداد بن أسود قال: أسلفت رجلاً مائة دينار ثم خرج سهمي في بعث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له عجل لي تسعين ديناراً وأضع عنك عشرة دنانير فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أكلت الربا يا مقداد وأطعمته،

ولكن هذا الحديث ضعيف ضعيف من جهة الإسناد أخرج البيهقي في السنن الكبرى

وقال البيهقي رحمه الله بعدما أخرجه قال إسناده ضعيف وذلك لأنه قد روي من طريق يحيى بن يعلى الأسلمي قال عنه يحيى بن معين ليس بشيء وقال أبو حاتم ضعيف وقال البخاري مضطرب الحديث، الحاصل أن هذا الحديث ضعيف وإذا كان ضعيفاً فلا تقوم به حجة الجمهور

استدل لعدم الجواز أيضاً لقياس مسألة ضع وتعجل على الزيادة، زيادة الدين مقابل زيادة الأجل وقالوا أي فرق بين أن يقول حط عني من الأجل وأحط لك من الدين، أويقول زد في الأجل وأزيد لك في الدين، أي فرق بين المسألتين، فهذه هي وجهة أصحاب القول الأول وهم الجمهور

القول الثاني وهو الجواز جواز مسألة ضع وتعجل وقد استدلوا بدليل من الأثر وايضاً من النظر

أما من الأثر فحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج يهود بني النضير قالوا يا محمد إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا وتعجلوا،

وهذا الحديث أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار وأخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى وأخرجه الدراقطني والحاكم في المستدرك وقال عنه الإمام بن القيم رحمه الله هذا الحديث على شرط السنن قال وقد ضعفه البيهقي وإسناده ثقات وإنما بعث بمسلم بن خالد وهو ثقة فقيه روى عنه الشافعي واحتج به ولذلك صحح هذا الحديث أيضاً الحاكم

وذكر له البيهقي شاهداً فلعله بشاهده يرتقي إلى درجة الحسن،

وأيضاً أصحاب هذا القول استدلوا بالجواز من جهة النظر قالوا إن هذه المسألة مسألة ضع وتعجل تختلف عن مسألة الزيادة زيادة الدين مقابل زيادة الأجل هي في الحقيقة إضرار محض للغريم ويفضي إلى أن يصير الدرهم ألوفاً مؤلفة بهذه الزيادة فتنشغل الذمة بغير فائدة فكلما زاد الأجل زاد الدين، فتنقلب إلى أضعاف مضاعفة ويكون في ذلك إضراراً لهذا المدين وإشغالاً لذمته من غير فائدة،

بخلاف هذه المسألة فهي تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين وانتفاع صاحبه بما يتعجله فكلاهما حصل له الانتفاع هذا حصل له إبراء ذمته من الدين وهذا حصل له إنتفاعه بما يتعجله فكل منهما منتفع ومن غير إشغال للذمة

وليس في ذلك ضرر لا على المدين الغريم ولا الدائن كل منهما منتفع هذا منتفع بإبراء ذمته من الدين وهذا منتفع بتعجيل بعض الدين له ففرق بين المسألتين فقياس إحداهما على الأخرى قياس غير صحيح لأن زيادة الدين مقابل زيادة الأجل إشغال للذمة وضرر محض بهذا المدين الغريم فينقلب الدرهم كما يقولون إلى ألوف مؤلفة مع زيادة الأجل كلما حل الدين قال إما أن تقضي وإما أن تربي فيصبح أضعافاً مضاعفة

بخلاف مسألة ضع وتعجل ففيها في الحقيقة إبراء للذمم والشارع دعا إلى كل من كان فيه إبراء للذمة، ففيها مصلحة للطرفين هذا يتعجل بعض الدين وهذا يستفيد إبراء ذمته من الدين والشريعة الإسلامية لا تمنع ما كان فيه مصلحة للطرفين من غير لحوق ضرر بهما أو بأحدهما

وهذا القول الأخير كما ترون أقوى من جهات الاستدلال فلعله القول الراجح في المسألة والله تعالى أعلم

وقد رجحه كثير من المحققين من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى

وأيضاً من المعاصرين سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله تعالى على الجميع

فيكون الراجح في هذه المسألة والله أعلم هو أن مسألة ضع وتعجل لا بأس بها وأنها تجوز بخلاف مسألة زيادة الدين مقابل زيادة الأجل وأنه لا يصح قياس إحدى المسألتين على الأخرى

خلاصة الكلام في هذه المسألة أن مسألة ضع وتعجل اختلف فيها العلماء على قولين وأن الجمهور ذهبوا للمنع وأن القول الثاني ذهب إليه بعض أهل العلم وإن كانوا أقل وأن الراجح من حيث الدليل هو القول الثاني وهو الجواز وهو الذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم فيكون الراجح في مسألة ضع وتعجل هو القول بالجواز والله تعالى أعلم. هذا ما يتعلق بهذه المسألة.

والله اعلى واعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير