وقال أيضاً: ((إبراهيم أعجب إلىّ مرسلات من سالم والقاسم وسعيد بن المسب)).
قال البيهقي: والنخعي نجده يروي عن قوم مجهولين لا يروي عنهم غيره. مثل هني بن نويرة، وحزامة الطائي، وقرثع الضبي، ويزيد بن أوس، وغيرهم)).
وقال العجلي: ((مرسل الشعبي صحيح لا يكاد يرسل إلا صحيحاً)).
وقال الحسن بن شجاع البلخي سمعت علي بن المديني يقول: ((مرسل الشعبي وسعيد بن المسيب أحب إلىّ من داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس)).
وقد استدل كثير من الفقهاء بالمرسل وهو الذي ذكره أصحابنا أنه الصحيح عن الإمام أحمد.
وهو قول أبي حنيفة، وأًحابه، وأًحاب مالك أيضاً. هكذا أطلقوه، وفي ذلك نظر سننبه عليه إن شاء الله تعالى.
وحكى احتجاج بالمرسل عن أهل الكوفة، وعن أهل العراق جملة.
وحكاه الحاكم عن إبراهيم المخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، وصاحبيه.
وقال أبو داود السجستاني في رسالته إلى أهل مكة: ((وأما المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكام فيه، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره)).
قال أبو داود: ((فإن لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يوجد مسند فالمراسيل يحتج بها، وليس هو مثل المتصل في القوة)). انتهى.
واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ
وكلام الفقهاء في هذا الباب
فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلاً، وهو ليس بصحيح على طريقهم، لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث.
فإذا اعضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه، فاحتج به مع ما اختلف به من القرائن.
وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة
كالشافعي وأحمد، وغيرهما، مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ.
وقد سبق قول أحمد: ((مرسلات ابن المسيب صحاح)).
ووقع مثله في كلام ابن المديني، وغيره.
قال ابن المديني – في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه -: ((هو منقطع، وهو حديث ثبت)).
قال يعقوب بن شيبة: ((إنما استجاز أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند – يعني في الحديث المتصل ـ لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر)).
وقد ذكر ابن جرير وغيره: ((أن إطلاق القول بأن المرسل ليس بحجة، من غير تفصيل بدعة حدثت بعد المائتين)).
.
ـ[أبو سندس الأثرى]ــــــــ[01 - 05 - 08, 04:42 ص]ـ
كتب الله أجر الشيخ عبد الرحمن.
* تحقيق مذهب الشافعي وأحمد في المرسل *
ونحن نذكر كلام الشافعي وأحمد في ذلك بحروفه:
قال الشافعي رحمه الله تعالى في الرسالة: ((والمنقطع مختلف، فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التابعين فحدث حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتبر عليه بأمور، منها:
أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه الحفاظ المأمونون، فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمثل معنى ما روى، كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه.
وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك، ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم من غير رجاله الذي قبل عنهم، فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله، وهي أضعف من الأولى.
وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قولاً له، فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كانت في هذا دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل إن شاء الله.
وكذلك إن وجد عوام أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم يعتبر عليه بأن يون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولاً، ولا مرغوباً عن الرواية عنه، فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه. ويكون إذا شرك أحداً من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه وجد حديثه أنقص، كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه.
ومتى خالف ما وسفت أصرّ بحديثه حتى لا يسمع أحداً قبول مرسله)).
¥