تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[12 - 01 - 08, 08:51 ص]ـ

في شرح الشيخ حفظه الله لسنن الترمذي وإكماله لبَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَمَّ قَوْماً وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وبَاب مَا جَاءَ إِذَا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً , سئل حفظه الله هذا السؤال:

إذا أراد طالب العلم أن يقرأ كتب الفقه فما المنهجية في ذلك؟

فأجاب بالتالي::

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمابعد:

الله المستعان لو نجلس إلى الفجر في منهجية الفقه ما يكفي!

الفقه علم عظيم ليس بالأمر الهين والمنهجية في قراءة المتون والشروح والمطولات يعني الكلام عليها متشعب؛ لكن على كل حال طبعاً:

أولاً: لابد من متن يقرأه طالب العلم في الفقه.

ثانياً: لابد من شيخ يضبط ذلك المتن ويعرف دليل مسائله من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم والأدلة العقلية المبنية على الأدلة النقلية، فإذا وُجد المتن المناسب والعالم الذي ضبط الفقه وضبط ذلك المتن الشيخ الذي تريد أن تقرأ عليه إسأله هل قرأت هذا المتن على أحد هل عنده إجازة هل اتصل سنده ما تقرأ لكل واحد كل من هب ودب ما يصلح هذا.

كذلك - أيضاً - ينبغي أن يكون شيخاً واحداً ما تقرأ كتاب العبادات على شيخ والمعاملات على شيخ؛ السبب أن الفقه له أدلة فإذا كان الشيخ الأول يدرسك بطريقة وبأدلة أو رجح بطريقة فالآخر لا يتفق معه في نفس الطريقة، وهذا الذي جعل العلماء-رحمهم الله- يدونون علم الأصول حتى لا يصبح الشخص متلاعباً بالأدلة فتارة يرى المفهوم حجة في العبادات ولا يراه حجة في المعاملات، ومن هنا كانوا يقولون: من أقوى ما تكون دراسة الفقه إذا درس معه الحديث على شيخ واحد والتفسير فيصبح استنباطه لأدلة الكتاب والسُّنة على منهج واحد وطريقة واحدة لا تتعارض ولا تتناقض.

ما الذي جعل العلماء يجعلون أصول الفقه عند الحنابلة، المالكية، والشافعية، والحنفية-رحمة الله عليهم-، والظاهرية لماذا دون؟

يعني الإمام ابن حزم-رحمة الله عليه- من أغير الناس على الكتاب والسُّنة كغيره من العلماء والأئمة؛ ولكن ألف في الأصول؛ لأن الفهم له طريقة معينة فلابد أن تفهم، إذا كان تقرأ على الشيخ زيد مثلاً كتاب الصلاة، ثم تقرأ على الآخر كتاب الزكاة طيب الشيخ زيد يرجح أن المفهوم حجة ويقرر لك فيما بينك وبين الله أنك تتعبد بمسائل مبنية على دليل المفهوم، ثم جاءك الشيخ الآخر وإذا به لا يرى هذا المفهوم حجة ويبطل مسائل فيها دليل المفهوم فكيف يكون الدليل هنا حجة وهنا ليس بحجة.؟

هذا الذي جعل العلماء يقولون: أنه لابد من القراءة على مذهب واحد؛ لكن لا يتعصب له الإنسان من أجل ما تضطرب عنده الموازين وتختل يقرأ على مذهب بالدليل ويكون العالم الذي يقرؤه ضابطاً للأدلة.

فإذا ضبط المسائل وضبط أدلتها، يرتقي بعد ذلك إلى القول المخالف، ثم وجه المخالفة، ثم الترجيح حتى يصل إلى درجة الاجتهاد، ولذلك ما من عالمٍ ولا إمام ويصل إلى درجة الاجتهاد إلاَّ بعد أن تمذهب على مذهب، فحولك العلماء والأئمة كلهم أخذوا بمذهب، نجد مثلاً الحافظ ابن عبدالبر-رحمه الله- كان مالكياً وقرأ مذهب الإمام مالك، ثم اجتهد في المذهب ونبغ فيه حتى أصبح من أئمته، ثم خرج حتى أصبح إماماً مجتهداً له أصوله، كذلك الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية قرأ في مذهب الحنابلة وكان يقول: وبه قال أصحابنا .. ، بل في بعض الأحيان يقول: ونُسب هذا القول إلى إمامنا والصحيح أنه لا يقول بهذا، ويجتهد حتى في داخل المذهب ويناقش أصحاب المذهب نفسه، كذلك - أيضاً - الحافظ ابن حجر-رحمه الله- كان شافعي المذهب، الإمام النووي كلهم كانوا على مذهب؛ لكن لا يتعصب الإنسان لقول يصادم حجة من كتاب الله وسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فإذاً:

قضية المذهبية ضبطٌ للأصول فإذا غلي فيها غلواً شنيعاً حتى تصبح كأنها حجة وبرهان لا، وإذا احتقرت احتقاراً كاملاً فأصبح الشخص مذبذباً لا ضابط له ولا أصل لم يجد فقهاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير