تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موضوع شاركت به في الندوة الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء في الرباط]

ـ[ام صفاء]ــــــــ[07 - 02 - 08, 08:16 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

صلة أسباب النزول بعناصر السياق ودورها في الفهم والتطبيق

إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي

أستاذة بكلية الشريعة بفاس ـ المغرب

إن تدبر معاني النصوص الشرعية وإدراك مقاصدها ودلالاتها، وفهم أحكامها ومداركها، والاجتهاد في وسائل تنزيلها على الواقع وتقويم الواقع بها، أمر مطلوب وواجب على المكلف بحسب الموقع والكسب العلمي والمعرفي في كل عصر، وذلك وصولا إلى إيجاد رؤية إسلامية لمستجدات الحياة و إدراك المفاتيح التي تحل مشكلات العصر، و قد نص علماء الشريعة من السلف والخلف على القواعد والضوابط الواجب اعتبارها في فهم خطاب الشارع، أهمها وأجمعها لها دلالة السياق.

يعد مصطلح السياق من المصطلحات العصية على التحديد الدقيق، فقد اختلف علماء الإسلام في تعريفه وتفاوتوا في ضبط مفهومه، فقال ابن دقيق العيد:" أما السياق و القرائن، فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه" (1) وقال السرخسي: القرينة التي تقترن باللفظ من المتكلم، وتكون فرقاًفيما بين النص والظاهر هي السياق، بمعنى الغرض الذي سيق لأجلهالكلام (2)، وقال البناني {ت 1198هـ}:" السياق هو ما يدل علىخصوص المقصود من سابق الكلام المسوق لذلك أو لاحقه (3)

وقد حاول بعض المتأخرين صياغة تعريف جامع للسياق انطلاقا من العناصر التي نص المتقدمون على اعتبارها ضمن مفهوم السياق، قال الدكتور ردة الله الطلحي:" يمكن تلخيص القولفي مفهوم السياق في التراث العربي في النقاط الثلاث التالية: الأولى: أن السياق هو الغرض، أي مقصود المتكلم في إيراد الكلام ... الثانية: أن السياق هو الظروف والمواقفوالأحداث التي ورد فيها النص أو نزل أو قيل بشأنها، الثالثة: أن السياق هو ما يعرف الآن بالسياق اللغوي الذي يمثله الكلام في موضع النظر والتحليل، ويشمل ما يسبق أو يلحق به من كلام (4)، وقال الدكتور طه عبد الرحمن:"السياق يقتضي عناصر مختلفة، أولاً عنصر ذاتي وهو معتقدات المتكلم وأيضا مقاصد المتكلم، ثم العنصر الثاني أسميه عنصراً موضوعياً، وهو الوقائع الخارجية التي تم فيها القول يعني الظروف الزمانية والمكانية. ثم العنصر الذي أسميه العنصرالذواتي، وأقصد به المعرفة المشتركة بين المتخاطبين (5)، وقال الدكتور نوح الشهري بعد أن ساق مجموعة من التعريفات للسياق:" هو مجموعة القرائن اللفظية والحالية الدالة على قصد المتكلم من خلال تتابع الكلام وانتظام سابقه ولاحقه به" (6)، وأراه تعريفا جامعا لكل العناصر التي ذكرها السابقون.

إن الحديث عن دلالة السياق عند علماء المسلمين ـ خاصة الأصوليين ـ هو حديث عن المنهج الضابط لصحة الفهم الديني للنص الشرعي، وقد تركز هذا المنهج على محورين أساسين داخلي وخارجي , فالداخلي لغوي يركز في النص على بنية اللفظ مفردا ومركبا ودلالاته مع اعتبار سابق الكلام ولاحقه , والخارجي يركز على الظروف الواقعية والملابسات المحيطة بالنص من مقام مقاله من حيث الزمان والمكان، إلى حال المخاطب والغرض الذي كان السياق لأجله، وغير ذلك مما يوصف بقرائن الحال.

وتعد أسباب النزول من أهم عناصر السياق وأجمعها خاصة في فهم النص القرآني، وهي على الصحيح أعم من أن تكون أثرا منقولا في دواوين السنة، فيدخل فيها كل ما يتصل بنزول الآيات وورود الأحاديث من القضايا والحوادث سواء في ذلك قضايا المكان أو حوادث الزمان التي صاحبت ورود النص الشرعي ـ قرآنا وسنة ـ، يقول الشاطبي موضحا فائدة أسباب النزول بمعناها العام المرتبط بالسياق وتلازم الصلة بين السياق وأحوال التنزيل:"إن المساقات تختلف باختلافالأحوال، والأوقات والنوازل، وهذا معلوم في علم المعاني والبيان (7)، واعتبر معرفة أسباب النزول من الضوابط المعول عليها في الفهم، فقال: "معرفة أسباب التنزيل لازمة لمن أراد علم القرآن، والدليل على ذلك أمران:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير