[الفرق بين السبب والعلة (بحث أصولي مقارن)]
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .... أما بعد:
فهذا بحث في الفرق بين السبب والعلة مبنيٌ على ما ذكره علماء الأصول في التفريق بينهما.
أهمية الموضوع:
إن العناية ببيان الفرق بين السبب والعلة أمر من الأهمية بمكان لما يترتب على ذلك من ضبط المسائل الأصولية المتعلقة بهما إذ لا يخفى أن كلاً من السبب والعلة من مباحث الخطاب الوضعي، ويحتاج الأصولي إلى التمييز بينهما مع اتحادهما واشتراكهما في كونهما من الأحكام الوضعية، إضافة إلى أن الفقهاء استعملوا السبب وأطلقوه بمعنى العلة وبمعنى علتها وبمعناها بدون شرطها، وبمعنى العلة الشرعية كاملة وذلك لأن عليتها ليست لذاتها بل بنصب الشرع لها أشبهت السبب وهو ما يحصل الحكم عنده لا به [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn1) ، ومما يؤكد أهمية دراسة هذه الفروق عناية علماء الأصول ببيانها إجمالاً وتفصيلاً، كالإمام الموفق أبي محمد عبدالله بن أحمد ابن قدامة، وبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي، وأبي حامد محمد بن محمد الغزالي، وفخر الدين محمد بن عمر الرازي، وأبي الربيع سليمان بن عبد القوي الطوفي، وعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي، وغيرهم رحمهم الله.
خطة البحث:
وقد قسّمت مادته إلى مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة، وذلك على النحو التالي:
المقدمة: وتشتمل على أهمية الموضوع، وخطة البحث.
المبحث الأول: الفرق من جهة الإصطلاح اللغوي.
المبحث الثاني: الفرق من جهة الإصطلاح الكلامي.
المبحث الثالث: الفرق من جهة الإصطلاح الأصولي.
المبحث الرابع: الفرق من جهة الإصطلاح الفقهي.
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث.
وقد راعيت في تقسيم مادة البحث منهج الإمام بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي حيث راعى في التفريق بينهما بيان الفوارق في الحقيقة اللغوية والكلامية والأصولية والفقهية واستحسنت ذلك لما فيه من الشمولية، وقد أشار إلى ذلك بقوله: (أما السبب فهو متميز عن العلة من جهة الإصطلاح الكلامي والأصولي والفقهي واللغوي) [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn2) اهـ.
وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يغفر لي كل خطأ وخلل وزلل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المبحث الأول: الفرق من جهة الإصطلاح اللغوي:
عند النظر في تعريف علماء اللغة لكل من السبب والعلة نجد أن هناك فرقاً واضحاً بينهما، ويظهر ذلك فيما يلي:
أولاً:
تعريف السبب في اللغة:
قال الرازي: (و السَّبَبُ: الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره وأسْبَابُ السماء نواحيها) [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn3)
وفي لسان العرب: (السبب كل شيء يُتوصل به إلى غيره، وفي نسخة: كل شيء يُتوسل به إلى شيء غيره، والجمع أسباب، وقوله تعالى: {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء} معناه: من كان يظن أن لن ينصر الله سبحانه محمداً صلى الله عليه وسلم حتى يظهره على الدين كله فليمت غيظاً وهو معنى قوله تعالى: {فليمدد بسبب إلى السماء} والسبب: الحبل، والسماء: السقف) [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn4).
ومن هذا نخلص إلى أن مادة السبب في لغة العرب تدور حول معنى: الواسطة والوسيلة التي يُتوصل بها إلى الشيء.
ثانياً:
تعريف العّلة في اللغة:
قال الرازي: (العَلَلُ الشرب الثاني يُقال عَلَلٌ بعد نَهَل و عَلَّهُ أي سقاه السُقية الثانية) [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn5) .
ومن معاني العلة: المرض، قال في لسان العرب: (والعلة: المرض، علَّ يعِلُّ، واعتلَّ أي: مرض) [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn6) .
¥