[أقسام المفتين عند الإمام ابن الصلاح وتعليقات النووي عليها في المجموع]
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[31 - 10 - 07, 09:27 ص]ـ
المجموع للإمام النووي: صـ 1/ 75 - 78 ط. الإرشاد تحقيق المطيعي
وكلام الإمام أبي عمرو ابن الصلاح تجده في كتابه: كتاب الفتوى واختلاف القولين والوجهين المشهور بـ: أدب المفتي والمستفتي. طبعته دار ابن القيم مشتركة مع دار ابن عفان.
ما نقلت عن الشيخ ابن العثيمين هو من تعليقاته على مقدمة المجموع، التي طبعتها دار ابن الجوزي مصر. 2004 (وهذه ليست كل التعليقات)
فصل
قال أبو عمر: والمفتون قسمان مستقل وغيره فالمستقل شرطه مع ما ذكرنا أن يكون قيما بمعرفة أدلة الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة والاجماع والقياس وما التحق بها على التفصيل وقد فصلت في كتب الفقه فتيسرت ولله الحمد، وأن يكون عالما بما يشترط في الادلة ووجوه دلالتها وبكيفية اقتباس الاحكام منها وهذا يستفاد من أصول الفقه، عارفا من علوم القرآن والحديث والناسخ والمنسوخ والنحو واللغة والتصريف واختلاف العلماء واتفاقهم بالقدر الذى يتمكن معه من الوفاء بشروط الادلة والاقتباس منها، ذا دربة وارتياض في استعمال ذلك، عالما بالفقه ضابطا لامهات مسائله وتفاريعه فمن جمع هذه الاوصاف فهو المفتى المطلق المستقل الذى يتأدى به فرض الكفاية
وهو المجتهد المطلق المستقل لانه يستقل بالادلة بغير تقليد وتقيد بمذهب أحد، قال أبو عمرو: وما شرطناه من حفظه لمسائل الفقه لم يشترط في كثير من الكتب المشهورة لكونه ليس شرطا لمنصب الاجتهاد لان الفقه ثمرته فيتأخر عنه وشرط الشئ لا يتأخر عنه، وشرطه الاستاذ أبو إسحق الاسفراينى وصاحبه أبو منصور البغدادي وغيرهما، واشتراطه في المفتى الذي يتأدى به فرض الكفاية هو الصحيح وان لم يكن كذلك في المجتهد المستقل.
ثم لا يشترط أن يكون جميع الاحكام على ذهنه بل يكفيه كونه حافظا المعظم متمكنا من ادراك الباقي على قرب.
وهل يشترط أن يعرف من الحساب ما يصحح به المسائل الحسابية الفقهية؟
حكى أبو اسحق وابو منصور فيه خلافا لاصحابنا والاصح اشتراطه، ثم انما نشترط اجتماع العلوم المذكورة في مفت مطلق في جميع أبواب الشرع فأما مفت في باب خاص كالمناسك والفرائض يكفيه معرفة ذلك الباب، كذا قطع به الغزالي وصاحبه ابن بَرهان بفتح الباء وغيرهما ومنهم من منعه مطلقا وأجازه ابن الصباغ في الفرائض خاصة والاصح جوازه مطلقا.
(القسم الثاني) المفتى الذى ليس بمستقل ومن دهر طويل عدم المفتى المستقل وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة وللمفتى المنتسب أربعة أحوال:
قال ابن عثيمين: هذا يقول النووي: من دهر طويل، ونحن نقول أيضا: من دهور طويلة. والله المستعان. ص168
أحدها: أن لا يكون مقلدا لامامه لا في المذهب ولا في دليله لا تصافه بصفة المستقل وانما ينسب إليه لسلوكه طريقه في الاجتهاد وادعى الاستاذ أبو إسحق هذه الصفة لاصحابنا فحكى عن اصحاب مالك رحمه الله واحمد وداود واكثر الخفية انهم صارو إلى مذاهب ائمتهم تقليدا لهم ثم قال والصحيح الذي ذهب إليه المحققون ما ذهب إليه اصحابنا وهو انهم صاروا إلى مذهب الشافعي لا تقليدا له بل لما وجدوا طرقه في الاجتهاد والقياس أسد الطرق ولم يكن لهم بد من الاجتهاد سلكوا طريقه فطلبوا معرفة الاحكام بطريق الشافعي. وذكر أبو على السِنجى بكسر السين المهملة نحو هذا فقال اتبعنا الشافعي دون غيره لأنا وجدنا قوله ارجح الاقوال وأعدلها لا انا قلدناه.
(قلت) هذا الذي ذكراه موافق لما امرهم به الشافعي ثم المزني في اول مختصره وغيره بقوله مع اعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره. قال أبو عمرو: دعوى انتفاء التقليد عنهم مطلقا لا يستقيم ولا يلائم المعلوم من حالهم أو حال اكثرهم. وحكى بعض اصحاب الاصول منا انه لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل، ثم فتوى المفتى في هذه الحالة كفتوى المستقل في العمل بها والاعتداد بها في الاجماع والخلاف.
¥