قاعدة الإيثار في القُرَب مكروه وفي غيرها محبوب دراسة تطبيقية
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[16 - 01 - 08, 03:46 ص]ـ
قاعدة الإيثار في القُرَب مكروه وفي غيرها محبوب دراسة تطبيقية
الدكتور- صالح السليمان بن محمد اليوسف
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد إلا إلَه إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF { آل عمران: 102}
http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF { النساء: 1}
http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_R.GIF يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما http://www.fiqhia.com.sa/Images/BRAKET_L.GIF
{ الأحزاب: 70 - 71}
أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية تميزت بالشمول والكمال والصلاحية لكل عصر ومكان، مع اليسر والسهولة في أحكامها، فلا مساغ لأحد للإعراض عن أحكامها بسبب المشقة، فهي شريعة سهلة سمحة منسجمة مع الفطرة التي فطر الناس عليها.
فهي شريعة تحقق العدالة لجميع البشرية مسلمهم وكافرهم أمام العدالة سواء، فمبناها وأساسها على تحصيل المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها. ولهذه الميزات وغيرها اختصت الشريعة الإسلامية من بين الشرائع السماوية بالشمول والدوام والعالمية حتى تقوم الساعة، ورسالة هذه صفتها لابد من أن تكون مبنية على قواعد وأسس تكفل الخلود والمسايرة لجميع الأزمنة والأمكنة على مختلف الأجناس، وقد اقتضت حكمة الباري أن تكون هذه الشريعة كذلك.
وإن قاعدة: (الإيثار في القُرب مكروه وفي غيرها محبوب) من القواعد التي تحتاج إلى عناية واهتمام ودراسة وتحقيق، وقد قمت بدراسة هذه القاعدة دراسة تأصيلية في بحث سابق مستقل، ورأيت في هذا البحث أن أفرد دراسة للقاعدة دراسة تطبيقية، وذلك للأسباب التالية:
1 - أهمية دراسة فروع هذه القاعدة، فإن كثيراً من الناس يخطئون في فهم الفروع المندرجة تحت القاعدة ويسوون بين الإيثار بها وعدمه.
2 - إن من القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة: قاعدة (إهداء القرب للغير).
وأهل العلم تجاه هذه القاعدة بين طرفين: طرف متوسع في تطبيقها وتعميمها على الأحياء والأموات، وفي جميع أنواع القرب بدون استثناء شيء منها.
وطرف غير متوسع، بل قصرها على الأموات، وبعض القرب.
لهذه الأسباب، أفردت الدراسة التطبيقية في مبحث خاص.
خطة البحث:
يتكون هذا البحث من هذه المقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة.
الفصل الأول: في القواعد المتفرعة عن القاعدة.
الفصل الثاني: في أنواع الإيثار، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: في أنواع الإيثار المحبوب.
المبحث الثاني: في أنواع الإيثار المكروه.
الفصل الثالث: في أثر القاعدة على الفروع الفقهية، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: في أثر القاعدة في الفروع.
المبحث الثاني: في ما يستثنى من القاعدة من فروع.
الخاتمة: تتضمن أهم نتائج البحث.
الخاتمة
الحمد لله الذي بعونه تتم الصالحات، وله الشكر على ما أنعم به وتفضل من التوفيق في البدء والختام.
وفي ختام هذا البحث عن دراسة هذه القاعدة دراسة تطبيقية، أنبه على أهم نتائج البحث على وجه الإشارة والاختصار.
أولاً: في القواعد المتفرعة عن القاعدة: تبين أنه يتفرع عنها قاعدة واحدة، وهي قاعدة: إهداء القرب للغير، وإن معناها هو أن جميع أنواع القربات إذا فعلها الإنسان وجعل ثوابها لمسلم ميت أو حي نفعه ذلك.
فهي قاعدة مطلقة بدون قيد، إذ هي تتناول إهداء القرب المالية والبدنية والمركبة منها، كما تتناول إهداءها للحي والميت.
وتبين إن هذا الإطلاق الذي أفادته القاعدة ليس على إطلاقه، بل يفرق في إهداء القرب بين الحي والميت وبين أنواع القرب.
وتبين من دراسة هذه القاعدة المتفرعة ما يلي:
1 - إن إهداء القرب وإيثار الغير بها إن كان لميت فهو متوجه، وإن كان لحي قادر على القيام بنفس القربة فلا يسلم؛ لأنه لم يعهد عن السلف.
2 - إن الأموات ينتفعون بما تسببوا فيه في حياتهم.
3 - إن الأموات ينتفعون بدعاء المسلمين لهم واستغفارهم لهم.
4 - دلت النصوص الشرعية الصحيحة على وصول ثواب الصدقة والحج.
5 - دلت النصوص الشرعية الصحيحة والقياس على وصول ثواب الصوم ونحوه من العبادات البدنية -كما هو مذهب الجمهور-.
6 - إن العبادات تنقسم إلى قسمين مالية وبدنية ومركبة منها.
7 - تبين أن الراجح أن جميع القرب إذا أهديت إلى الميت تصل إليه سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما.
غير أننا نقول إن الوقوف مع النص أقرب للصواب، وعليه يكون إهداء ثواب القرب التي ورد بها النص تصل إلى الميت وينتفع بها.
وتبين أن دعاء المسلمين أو ما تسبب به الميت في حياته فإن ثوابه يصله بالإجماع.
ثانياً: في الفصل الثاني: في أنواع الإيثار: تبين أن الإيثار يتنوع إلى نوعين: 1 - الإيثار في القرب.
2 - الإيثار في حظوظ النفس من أمور الدنيا.
وأن كل نوع من هذين النوعين يتنوع أنواعاً.
وفي الفصل الثالث: تبين أن للقاعدة فروعاً فقهية كثيرة، وأن مجال تطبيقها واسع، فأمثلة القسم الأول من القاعدة: وهو الإيثار في القرب مكروه، لا تكاد تحصر؛ وذلك لأن كل قربة في الغالب يتصور فيها الإيثار وما يتصور فيه الإيثار يكون داخلاً تحت القاعدة.
أما القسم الثاني من القاعدة: وهو الإيثار بحظوظ الدنيا، فكذلك الأمثلة عليه كثيرة جداً.
وبهذا تكون القاعدة بشقيها مجال تطبيقها واسع في الفقه الإسلامي، وفي المبحث الثاني من هذا الفصل، تبين أن الفروع الفقهية المستثناة من القاعدة قليلة جداً، وقد تكون معدومة.
وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.
¥