[وجهة نظر: القواعد الفقهية , متى ينبغي أن ندرسها؟]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 06:34 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين
وبعد:
فقد كنت أجد في نفسي شيئا تجاه منهج بعض زملائي من المبتدئين في طلب العلم الشرعي - وإن كانوا طلاب دراسات عليا أو مدرسين أو كبارَ سنّ - فأجد أحدهم لا يضبط أحكام الصلاة ومسائل السهو مثلاً وهو مع ذلك يسعى جاهداً لدراسة القواعد الفقهية ولربما فرّع عليها واستخرج الأحكامَ ولم أرَ نكيراً من الشيخ الذي نحن بين يديه إذ ذاك - حفظه الله - حيث كنتُ ولا زلتُ أرى أن دراسة القواعد تكون لمن استوعب المختصرات وعايش المطوّلات وأدرك الخلاف وحصّل ملكةً فقهيةً تمكنه بعد دراسة القواعد من تطبيقها والتفريع عليها دون خلط ولا وهم , وأصبحنا نسمع أيضا في زمن السرعة والاختصار من يقول إن دراسة القواعد الفقهيه تفيد غير المتخصصين في العلوم الشرعيه من جهة اطلاعهم على الفقه بأيسر طريقه وهذا باب خطير, بل إنني رأيت أحد المشايخ حفظه الله يقول إنّ من يدرس الفقه بابا بابا ومسألةً مسألةً كمن يصيد السمك بسنارة ومن يدرس القواعد الفقهية كمن يصيد بشبكة فتجتمع له كمية كبيرة من المسائل والعلوم في وقت ربما لا يتجاوز فيه غيره بابا من أبواب الفقه فعجبتُ لذلك واحتفظتُ بهذا التحفظ في نفسي حتى وقفتُ على كلام للشيخ العلامة محمد بن محمد المختار الشنقيطي أطال الله عمره على الطاعة فشفى صدري , وأحببتُ إيراده ومباحثة الإخوة في رأيهم في ذلك , قال حفظه الله بعد أن سُئل السؤالَ التالي:
هل يمكننا أن نقول كل ما جاز الانتفاع به جاز بيعه إلا ما ورد الشرع بتحريمه؟
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمابعد:
القواعد الأفضل أن الإنسان لا يتدخل فيها ويتركها للعلماء الأجلاء الذين هم ألموا بنصوص الشرع في الكتاب والسنة وألموا بضوابط القواعد، يعني قد تأتي وتقعد القاعدة تراها في نظرك صحيحه لكنها تصادم أصول أخرى يعني قد تراها بداية صحيحة يعني القاعدة تقول: (كل ما جاز الانتفاع به جاز بيعه)
أولاً: البيع ينصب على الذات والمنفعة , أنت الآن حينما تبيع البيت تبيع ذاتها ومنفعتها لو بعت عمارة وجاء المشتري وهدم العمارة تقول له: ما بعتك إياه يقول لك: بعتني الدار ذاتها ومنفعتها التي هي السكنى فالبيع يقع على الذات والمنفعة فأنت حينما تقول كل ما أُبيجت منفعته لك جاز بيعه هذا يختص بالمنافع , والبيع يقوم على ماذا؟
على الذات وعلى المنفعة , طيب:
إذا كانت المنفعة جائزة لكن الذات محرمة ماذا يكون الحكم؟
فهذا أمر يحتاج ليس بتقعيد, التقعيدُ من الصعوبة بمكان وهناك كتب متخصصة في القواعد منها الأشباه والنظائر للسيوطي، والأشباه والنظائر لابن نجيم، حتى لما قعدوا جعلوا قواعدهم في حدود مذهب معين ما استطاعوا أن يجعلوا قواعد عامة فتجد مثلاً الأشباه والنظائر في قواعد الشافعية، والأشباه والنظائر في قواعد الحنفية، وتجد أيضاً الفوائد لابن مفلح البعلي الحنبلي-رحمه الله-، كذلك أيضاً القواعد لابن رجب في مذهب الحنابلة، وتجد إيصال السالك إلى قواعد مذهب مالك للمنشريسي المالكي، تجدهم حتى لما جاوؤا يقعدوا قعدوا من خلال مذهب معين لأنه ليس من السهولة بمكان أن تضع قاعدة عامة متفق عليها.
فمسألة التقعيد أولاً: تحتاج إلى سبر الأدلة الواردة في الباب هذا أول شيء تسبر الأدلة لأنه لا أحد يتكلم في القواعد الشرعية إلا من خلال النصوص , والفقيه مَنْ فقه عن الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما يستطيع أن يضع قاعدة عامة تتفرع عليها مسائل كثيرة حتى يجمع النصوص الواردة في هذا الباب.
بعد جمع النصوص ينظر هل هي قاعدة ثابتة أو لها مستثنيات؟ حتى يأتي بالمستثنى منها فيضع القاعدة وما يستثنى منها فلا ينقض المستثنى القاعدة ولا يعترض به على القاعدة فيجعل هل هي قاعدة مسلمة أو قاعدة فيها استثناءات ومحترزات.
¥