تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[النوازل الأصولية]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[16 - 01 - 08, 03:45 ص]ـ

[النوازل الأصولية]

الدكتور أحمد بن عبد الله الضوي

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:

فإن من سنن الله القائمة في هذا الكون تبدل الأحوال وتغير الظروف، فلكل عصر أدواته ووسائله، ولكل أهل زمان عاداتهم وأعرافهم الخاصة، وقد تميز هذا العصر عن العصور السابقة بالتطور المادي الكبير الذي شمل كافة نواحي الحياة، وبخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا، حيث نشهد هذه الأيام ثورة عارمة وتقدماً مذهلاً في وسائط الإعلام والاتصال وتقنية المعلومات، إلى درجة أن المرء بات عاجزاً عن ملاحقة ما يستجد في هذا المجال.

وكان لانتشار هذه الوسائل دور هام في تيسير أمور الناس وقضاء احتياجاتهم، فصاروا يعتمدون عليها في أغلب شئون حياتهم، ولم يعد بإمكان أحد الاستغناء عنها في هذا الزمن، وقد أفرز هذا التطور جملة من النوازل والمسائل الجديدة التي تتطلب من علماء الشريعة بذل الجهد واستفراغ الوسع في استنباط أحكامها، وإذا كانت النوازل الفقهية قد حظيت باهتمام علماء العصر فانبروا للتنظير لها، وبيان المنهج الشرعي في استنباط أحكامها، وبذل الوسع في بيان حكم ما وقع منها، فإن هنالك نوازل أخرى تتعلق بمسائل أصولية لم تحظ بما تستحقه من البحث والدراسة، مع كونها لا تقل أهمية عنها.

لهذا السبب وغيره فقد وقع اختياري على هذا الضرب من النوازل ليكون موضوع هذا البحث المختصر، وسميته: "النوازل الأصولية"، عله أن يكون النواة الأولى لأبحاث ودراسات مستفيضة في هذه المسألة المهمة.

أهمية الموضوع

تبرز أهمية هذا الموضوع من خلال ما يأتي:

1 - أنه يظهر كمال الشريعة الإسلامية، وقدرتها على استيعاب كافة المستجدات والحوادث، فإنها امتازت عن الشرائع السماوية والقوانين الأرضية بكونها صالحة لكل زمان ومكان.

2 - أنه يتعلق بعلم أصول الفقه، هذا العلم العظيم الذي جعلت المعرفة به شرطاً من شروط الاجتهاد والفتوى.

3 - أنه يسلط الضوء على أهم المسائل الأصولية التي يمكن أن يتغير الاجتهاد فيها بناءً على تغير الأحوال وتبدل الظروف، والضوابط الشرعية اللازمة لذلك، ومن هنا يتبين الفرق الشاسع بين فكرة النوازل الأصولية والدعاوى الجانحة للتجديد في أصول الفقه التي يروج لها بعض المسلمين في هذا العصر، وهي مسألة حظيت بدراسات وبحوث مستفيضة كشفت زيف هذه الدعاوى وبطلانها.

4 - حاجة الناس الماسة الى بيان أحكام هذه النوازل، خصوصاً بعد انتشارها، واعتماد أغلب المسلمين عليها، وكونها واقعاً لا مفر منه.

الدراسات السابقة

سبق القول بأن هذا الموضوع لم يحظ بما يستحقه من البحث والدراسة، فلا يوجد حسب علمي- دراسة مستقلة تناولت هذه القضية المهمة، غير أنه لابد من الإشارة هنا إلى وجود بعض الدراسات والبحوث المتصلة بهذا الموضوع، ولعل من أبرزها ما يأتي:

1 - كتاب منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، تأليف الدكتور: مسفر بن علي بن محمد القحطاني.

وهو عبارة عن دراسة نظرية تطبيقية افتتحها الباحث بفصل تمهيدي أشار فيه إلى ثبات أحكام الشريعة الإسلامية وشمولها، والتعريف بفقه النوازل، وبيان نشأته، وأهميته، وحكم النظر فيه، ثم عقد فصلاً ثانياً في الأحكام المتعلقة بالناظر في النوازل، وثالثاً في ضوابط النظر فيها، ورابعاً في طرق التعرف على أحكامها، واختتم البحث بفصل خامس تضمن أهم التطبيقات الفقهية لاستخراج أحكام النوازل الفقهية.

وهذا البحث -في نظري- من أجود ما كتب في موضوع النوازل الفقهية في الجانبين النظري والتطبيقي، غير أن الباحث لم يتطرق فيه إلى شيء من النوازل الأصولية لأن اهتمامه كان منصباً على الجانب الفقهي.

2 - التقعيد الأصولي لدراسة النوازل الفقهية، وهو بحث مختصر من إعداد الدكتور- سعد بن ناصر الشتري، وقد بين فيه أهم المسائل الأصولية التي ينبني عليها النظر في النوازل الفقهية، بعد أن مهد للموضوع ببيان حقيقة النوازل الفقهية وأنواعها، ومن أهم المسائل التي تناولها الباحث: أحكام الاختلاف الاجتهادي في النوازل، وآداب المفتي والمستفتي فيها، وحكم الاستفتاء فيما لم يقع، لكنه لم يتعرض إلى شيء من النوازل المتعلقة بالمسائل الأصولية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير