تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسائل الأمر للشيخ محمد فركوس]

ـ[آل عياش]ــــــــ[13 - 02 - 08, 11:40 م]ـ

فتاوى أصول الفقه والقواعد الفقهية

مسائل الأمر

السؤال: بناء على الفوائد التي تستغرقها مسائلكم الأصولية منها والفقهية ولعظيم أثرها نوجه إليكم هذه المسألة التي طالت من غير طائل بين العلماء لترشدونا إلى ما هو صواب, والله يجزيكم خيرا.

- هل الأمر بالشيء هو أمر بلوازمه ومقدماته، ولا يخفى أنّ مقدمة الأمر لا تخلو أن تكون شرطا أو سبيا ويكون ذلك بطريق اللزوم العقلي؟

- أم أنّ إثبات شرطية اللّوازم أو سببيتها لا تتمّ إلاّ بدليل مستقلّ دال على الشرطية أو السبيبة؟

- وإطلاق القول "بالأمر بالشيء أمر بلوازمه" ألا يؤدي هذا إلى إثبات ما لا دليل عليه؟

- إنّ القول بفورية فعل المأمور على سبيل الأحوط والأولى ألا يتنافى ووضع اللغة إذ السيّد لو أمر عبده فلم يمتثل فعاقبه لم يكن له عذر بأنّ الأمر على التراخي؟

الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

"فالأمر بالشيء أمر بلوازمه"، ولوازم الأمر بالشيء الوسائل والمقدمات المحققة له والطرق الميسرة لوقوعه, والأمور التي تتوقف الأحكام عليها من شروط ولوازم ومتمّمات, ومن بين وسائله ولوازمه ومتمّماته انتفاء المانع والأضداد, ومثاله قوله تعالى: ?اقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم? [العلق3 - 4 - 5].

قال ابن تيمية رحمه الله: "فخصّ التعليم للإنسان بعد التعليم بالقلم، وذكر القلم لأنّ التعليم بالقلم هو الخط، وهو مستلزم لتعليم اللفظ، فإنّ الخط يطابقه، وتعليم اللفظ هو البيان، وهو مستلزم لتعليم العلم، لأنّ العبارة تطابق المعنى, فصار تعليمه بالقلم مستلزما للمراتب الثلاث: اللّفظي والعلمي والرسمي بخلاف ما لو أطلق التعليم أو ذكر تعليم العلم فقط لم يكن مستوعبا للمراتب" ولابن القيم كلام نحو هذا (1).

والأمر بالشيء مقصود به في الأصل, ولوازمه مأمور بها بالتبع, وتوابع الشيء لها أحكام المقاصد، لأنّ وسيلة المقصود تابعة للمقصود, وكلاهما مقصود، غير أنّ الأول مقصود قصد الغايات يذم ويعاقب على تركه, والثاني مقصود قصد الوسائل وإن اتّصف باللزوم فلا يعاقب على تركه, لأنّ العقوبة على الترك إنّما تترتب على ترك المقصود بالأمر على ترك لا على ترك اللوازم وفعل الأضداد, وكذلك النّهى فإنّ لوازم النّهي نهي عن الطرق والوسائل المؤدية إليه, والذرائع الميسرة لوقوعه, والنّهي فرع عن الأمر, لأنّ الأمر هو طلب الفعل، والطلب قد يكون للفعل أو للترك والترك على الصحيح فعل, غاية ما في الأمر أنّ النّهي خص باسم خاص.

وعليه فإنّ الأمر بالشيء يستلزم جميع ما يتوقف عليه فعل المأمور به عند جمهور الأصوليين، لأنّ لوازم الأمر لو لم تكن واجبة لجاز للمكلّف تركها, ولو جاز تركها لساغ له ترك الواجب، ولو جاز له ترك الواجب لم يكن واجبا, ومثاله ما لو أمر السيّد عبده بأداء عمل فوق السطح فإنّ العبد مأمور بالصعود الذي هو سبب، ونَصْبِ السُّلَّم الذي هو شرط، والأمر المطلق بالصعود على السطح يوجب نصب السلم والصعود عليه، بمعنى أنّ الواجب لا يأتي إلاّ بالشرط والسبب فيكون كلّ واحد منهما واجبا عند الجمهور، وسواء كان السبب شرعيا أو عقليا أو عاديا (2)، وتعرف المسألة "بمقدمة الواجب" وهي المتمثلة في قاعدة: ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، ذلك لأنّ الذي يتوقف عليه إيقاع الواجب كالسعي إلى الجمعة والطهارة للصلاة فهي مقدمة الواجب واجبة قصدا, بالنص وبالقاعدة السابقة.

إفراز المال لإخراج الزكاة واجب بالقاعدة السالفة البيان وليس بواجب قصدا, بخلاف ما لا يتمّ الوجوب إلاّ به فهو غير واجب لتوقف عليه وجوب الواجب, فوجوب الحج لا يتمّ إلاّ بالاستطاعة، ووجوب الزكاة لا يتمّ إلاّ بملك النصاب،

ولا يجب على المكلّف تحصيل الاستطاعة ولا ملك النصاب مع أنّهما من لوازم الحج والزكاة المأمور بهما, لأنّ ما لا يتمّ الوجوب إلا به يتوقف عليه وجوب الواجب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير