[أثر السياق ـ القرائن ـ في توجيه دلالات الالفاظ: الامر والنهي انموذجا]
ـ[ام صفاء]ــــــــ[30 - 12 - 07, 09:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أثر السياق ـ القرائن ـ في توجيه دلالات الألفاظ:
الأمر والنهي أنموذجا
إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي
1 - مقدمة:
لقد عني علماء الشريعة باللفظ العربي من حيث معانيه ودلالاته عناية بالغة، لكونه العمدة في عملهم ومناط الحكم الشرعي ودليله، فتتبعوه مفردا ومركبا، حقيقة ومجازا، مطلقا ومقيدا، خاصا وعاما، محكما ومتشابها، أمرا ونهيا، وفصلوا القول في مراتب دلالته على المعنى من حيث الوضوح والخفاء، وذلك وصولا إلى وضع القواعد التي تعين على فهم النص الشرعي فهما صحيحا، وتضبط سبل استنباط الأحكام منه.
وكان الأصوليون أبرز من أفاض القول في قضايا اللفظ والمعنى، وجعلوا الأخير مقدما في الاعتبار على اللفظ، فالألفاظ كما يقول ابن القيم في إعلام الموقعين " لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم" [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn1)،" فإرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ، فإنه المقصود واللفظ وسيلة، هذا قول أئمة الفتوى من علماء الإسلام" [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn2) وقال في كتابه الصواعق:" .. مما جرت به العادة في كل من خاطب قوما بخطبة أو دارسهم علما أو بلغهم رسالة، فإن حرصه وحرصهم على معرفة مراده أعظم من حرصهم على مجرد حفظ ألفاظه، ولهذا يضبط الناس من معاني المتكلم أكثر مما يضبطونه من لفظه، فان المقتضي لضبط المعنى أقوى من المقتضي لحفظ اللفظ، لأنه هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه، وإن كانا مقصودين فالمعنى أعظم المقصودين والقدرة عليه أقوى، فاجتمع عليه قوة الداعي، وقوة القدرة، وشدة الحاجة" [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn3) وللشاطبي كلام قريب من هذا في كتابه الموافقات [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn4).
ولما كان المعنى هو الغاية والهدف، واللفظ لا يعدو أن يكون خادما له، كانت العناية به أعظم، قال ابن جني:" إن العرب كما تعنى بألفاظها فتصلحها وتهذبها وتراعيها .. فإن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأفخم قدرا في نفوسها" [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn5) فكان من عرفهم الاعتناء بفهم المعاني المبثوثة في الخطاب باعتباره المقصود الأعظم من الكلام، وأن الكلام إنما يصحح ويعتنى به ليدل على المعنى وليفهم عنه القصد، وربما كانت عنايتهم بالمعنى التركيبي أكثر من عنايتهم بالمعنى الإفرادي؛ إذ دلالة السياق والتركيب وما فيها من كنايات ومجازات وغير ذلك تؤدي من المعاني ما قد يختلف لو نظر للمعنى الإفرادي فقط.
من أجل ذلك اتجه علماء الأصول إلى تقعيد القواعد التي يصح بها اعتبار معاني الألفاظ ودلالاتها، ومن الضوابط التي أكدوا على اعتبارها في فهم النص الشرعي وتقرير المعاني: مراعاة السياق.
2 ـ تعريف السياق:
ورد تعريف السياق عند العلماء بإزاء معنيين: معنى محدود ومعنى واسع.
فالسياق بالمعنى المحدود: هو سابق الكلام الذي يراد تفسيره ولاحقه، فالأول يسمى قرينة السباق والثاني قرينة اللحاق والكل هو دليل أو دلالة السياق [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn6) ، وقد يسمى عند بعض العلماء بسياق النظم [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn7).
وقد نص الشاطبي على أن مراعاة دليل السياق من أسس التفسير السليم للنصوص الشرعية حيث قال:"فلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرق النظر في أجزائه، فلا يتوصل به إلى مراده، ولا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض" [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn8).
¥