تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وصحابته أتم الصلاة وأزكى التسليم، أما بعد:-

فإن موضوع النوازل الأصولية يعد أحد الموضوعات المهمة التي لم تنل حتى الآن ما تستحقه من البحث والدراسة، وقد حاولت في هذا البحث المختصر أن أسلط الضوء على هذه المسألة من خلال بيان حقيقة النوازل الأصولية، والمنهج الشرعي في استنباط أحكامها، والسياق التاريخي لها، وأهم صورها التي ظهرت في عصرنا الحاضر، مع بيان الحكم الشرعي في كل صورة، والضوابط المعتبرة فيها، والمسائل الأصولية ذات الصلة بالنازلة.

وقد خرجت من دراسة هذه الموضوعات بالنتائج الآتية:

1 - المراد بالنوازل الأصولية: "الوقائع الجديدة المتعلقة بمسائل أصولية"، أو: "الوقائع الأصولية المستجدة".

2 - المنهج الشرعي في استنباط حكم النوازل الأصولية يقتضي البحث عن حكمها في المصادر المتفق عليها، فإن لم يظفر المجتهد بالحكم تعين عليه استنباطه بطريق الاجتهاد والقياس، أو من خلال النظر في مقاصد التشريع ومراميه، وفق الضوابط المعتبرة للاجتهاد في النوازل.

3 - كانت البدايات الأولى لظهور النوازل الأصولية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة حينما برز الإجماع كمصدر من مصادر التشريع في عصر الصحابة، ثم توالت بعده الوقائع الأصولية الجديدة، كعمل أهل المدينة، والاستحسان، والقياس بصيغته الاصطلاحية، وغيرها، حتى اكتملت مادة علم أصول الفقه مع نهاية القرن الرابع الهجري تقريباً.

4 - بعد انقراض الأئمة المجتهدين، وسد باب الاجتهاد، واكتمال المادة الأصولية، واستقرار أصول الأئمة لم يعد هنالك مجال لإضافة دليل إلى الأدلة التي اصطلح عليها الأئمة، أو اختراع حكم جديد، أو الاجتهاد في أصول الفقه القطعية، وكل دعوى للتجديد في أصول الفقه تتضمن شيئاً من ذلك فهي باطلة ومردودة، غير أن هذا لا يمنع من إعادة النظر في المسائل الأصولية الاجتهادية التي بنى فيها الأصوليون الأوائل أحكامهم، على الأحوال والعادات والوسائل التي كانت سائدة في زمنهم، إذا تغيرت الأحوال وتبدلت العادات والوسائل، فإن هذا المبدأ جائز في الشريعة الإسلامية.

5 - إمكانية حصول الإجماع والاطلاع عليه ونقله في هذا العصر أقرب بكثير منها في العصور المتقدمة، نظراً للتقدم الكبير في وسائل الاتصالات والمواصلات، والتطور المستمر في مجال تقنية المعلومات والوسائط الإلكترونية، ومن تأمل القول القاضي باستحالة ذلك وجد أنه مبني على واقع حال القائلين به والوسائل التي كانت متاحة لهم في ذلك الزمن، وحيث إن الحال قد تغيرت، والوسائل قد تطورت، فينبغي أن يتغير الحكم تبعاً لها عملاً بالقاعدة المشهورة: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان".

6 - إذا كان علماء الأصول قد حددوا الضوابط العامة والشروط التي يجب توافرها في المجتهد، فإن هنالك ضوابط خاصة للاجتهاد في القضايا المعاصرة، أهمها: الفقه بواقع النازلة، ومراعاة الظروف الزمانية، والمكانية، والعوائد، والأعراف، والأحوال، والنظر الجماعي القائم على المشورة والتذاكر والتدارس، والمعرفة بالوسائل والتقنيات الحديثة التي تعين على استكمال البحث والنظر، وفي ظني أن الاجتهاد التام في هذا العصر لا يكون إلا بعد توافر هذه الضوابط.

7 - الإفتاء في وسائل الإعلام والوسائط الإلكترونية أمر بالغ الخطورة، وينبغي لمن يتصدى له مراعاة جملة من الضوابط التي تكفل القيام بهذه المهمة على الوجه الصحيح.

8 - يجوز الاعتماد على الوسائل الحديثة في نسبة الأقوال إلى العلماء والمجتهدين ذإذا توافرت الضوابط الخاصة بكل وسيلة- قياساً على الوسائل التي أجاز العلماء السابقون الاعتماد عليها في ذلك، كالكتب، والرسائل، ونقل الثقة، وسماع الأعمى، ونحوها، بجامع كونها وسائل مباحة ومفيدة للظن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير