ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[08 - 03 - 08, 11:37 م]ـ
الفائدة الخامسة.
عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال و الأزمنة و البقاع.
لأنها لاغنى للاشخاص عنها فقوله تعالى {ولا تقربوا الزنى} أي: لا يقربه كل واحد منكم على أي حال كان وفي أي زمن كان ومكان كان.
وهو مذهب الإمام أحمد واصحابه وصرح به من متقدمي الشافعي ة أبو مظفر بن السمعاني في قواطع الأدلة {1/ 397} ومن المتأخرين الرازي وخالف في ذلك جمع من المتأخرين.منهم الآمدي و القرافي و الأصفهاني شارح المحصول وابن قاضي الجبل من الحنابلة.واحتج القرافي لرأيه بأن {صيغ العموم أن كانت عامة في الاشخاص فهي مطلق في الازمنة و البقاع و الأحوال و المتعلقات فهذه الأربعة لا عموم فيها من جهة ثبوت العموم في غيرها حتى يوجد لفظ يقتضي العموم نحو: لأصومن الأيام ولأصلين في جميع البقاع ولا عصيت الله في جميع الأحوال ولأشغلن بتحصيل المعلومات.
فإذا قال الله تعالى {فاقتلوا المشركين} فهو عام في جميع أفراد المشركين مطلق في الأزمنة و البقاع و المتعلقات و الأحوال فيقتض النص قتل كل مشرك في زمان ما ومكان ما وفي حالة ما وقد أشرك بشيء ما ولا يدل اللفظ على خصوص يوم السبت ولا مدينة معينة من مدائن المشركين ولا ان ذلك المشرك طويل أو قصير ولا أن شركه وقع وقع بالصنم أو بالكواكب بل اللفظ مطلق في هذهى الأربع} انتهى من شرح تنقيح الفصول {200}.
وكررهذا الرأي بااختصار في نفائس الأصول {4/ 1995} قال الزركشي {وقد شغف الشيخ أبو العباس القرافي بهذا البحث وظن انه يلزم من هذه القاعدة أنه لا يعمل بجميع العمومات في هذا الزمان و المطلق يخرج عن عهدته بالعمل في صورة واحدة وقد انكر هذا الرأي على القرافي جماعة من المحققين منهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد حيث رد عليه في كتابه إحكام الأحكام {أولع بعض أهل العصر وما قرب منه بأن قالوا / صيغة العموم إذا وردت على الذوات مثلا أو على الأفعال كانت عامة في ذلك مطلقة في الزمان و المكان و الأحوال و المتعلقات} ثم قال {المطلق يكفي في العمل به في صورة واحدة فلا يكون حجة فيما عداه وأكثروا من هذا السؤال فيما لا يحصى من الفاظ الكتاب و السنة وصار ذلك ديدنا لهم في الجدال} قال {هذا عندي باطل بل الواجب أن مادل على العموم في الذوات مثلا يكون دالا على ثبوت الحكم في كل ذات تناولها اللفظ ولا تخرج عنها ذات إلا بدليل يخصها فمن أخرج شيئا من تلك الذوات فقد خالف مقتضى العموم} [1/ 54].
أنظر الحاشية على غاية المأمول في شرح ورقات الأصول للرملي ..
ص: 145 وما بعدها.
قال الضعيف أبو حزم: إلزم هذه القواعد و التفصيلات فهي التي تعينك على تحصيل الملكة الأصولية وتفيدك في مواطن الحجج و الإحتجاج فهي من أمهات النكت ودقائق العلم الأصولي من لزمها و أتقن استخدامها فهو اللبيب الأديب ومن غفل أو تغافل عنها فهو الأنوك الذي يجب الإزوراء عنه.
فقد نصحنا أصوليوا عصرنا امثال العلامة الأصولي محمد علي فركوس و الشيخ المحقق الأصولي عبد المجيد جمعة السلفيين أن نلزم طريقة الأولين من علماء الأصول وأن نتربى عليها طمعا في نيل الوسيلة و الغاية المرجوة.
ووفق الجميع إلى سلوك منهج الأولين وطريقة الفالحين في التفصيل والتاصيل.
و الله المستعان.
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[08 - 03 - 08, 11:38 م]ـ
السلام عليكم.
الفائدة الرابعة.
الصورة النادرة هل يتناوله العموم أم لا؟
هذه المسألة لم يتعرض لها أغلب الأصوليين في مصنفاتهم و النقل فيها عزيز.
{وهي تلتفت على أن دلالة الصيغ على موضوعاتها هل تتوقف على الإرادة؟ وفيه قولان أرجحهما أنها لا تتوقف فإن قلنا تتوقف. لم يدخل النادر لعدم خطوره بالبال وإلا دخلت} سلاسل الذهب للزركشي ص:219.بواسطة غاية المأمول شرح ورقات الأصول الحاشية ص: 141.
وقال في شرح جمع الجوامع {الصورة النادرة هل تدخل تحت العموم؟ فيه خلاف وزعم المصنف -يعني ابن السبكي -أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي حكاه ولم أجده في كتبه وإنما يوجد في كلام الأصوليين اضطراب فيه ويمكن اخذ الخلاف منه}.
قال شهاب الدين الرملي في الفتح {ومقتضى إطلاق المصنف أن العام يتناول الصورة النادرة}.ص:141.
مثال النادرة.
الفيل في حديث أبي داود وغيره: {لا سبق إلى في خف أو حافر أو نصيل}.
فإن صاحب خف و المسابق عليه نادرة و الاصح جوازها عليه.
و المسألة من أعوص المسائل الأصولية لهذا النقل فيها عزيز.