تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البصريين والكوفيين.

وكذلك قول الفرزدق:

شهدت قيس فما كان نصرَُها ***** قتيبة إلا عضَُها بالأباهم

ينشد برفع النصر ونصب العض، وبرفع العض ونصب النصر والفائدة في الأمرين جميعا واحدة، وكذلك قول الآخر:

وقد علم الأقوام ما كان داؤها ***** بثهلان إلا الخزيَُ ممن يقودها

ينشد برفع الداء ونصب الخزي وبنصب الداء ورفع الخزي، والفائدة فيهما جميعا واحدة، وإنما تساوى ذلك لأن المبتدأ هو الخبر في المعنى.

ومما يبين ذلك واضحا أن القائل إذا قال: (شر الناس الفاسق)، أو قال: (الفاسق شر الناس)، فقد أفادنا في كل الحالتين فائدة واحدة، وكذلك إذا قال: (أبوك خير الناس) فائدته كفائدة قوله (خير الناس أبوك)، لا يمكن أحدًا أن يجعل بينهما فرقا، ويشهد لذلك قول زهير:

وأما أن تقولوا قد أبينا ***** فشَرُّ مواطنِ الحسب الإباءُ

فهذا البيت أشبه الأشياء ببيت كثير، وقد جعل زهير شرا هو المبتدأ والإباء هو الخبر، وإنما غرضه أن يخبر أن الإباء هو شر مواطن الحسب، ولا يجوز لزاعم أن يزعم أن الإباء هو المبتدأ وشر خبره، لأن الفاء لا يجوز دخولها على خبر المبتدأ إلا أن يتضمن المبتدأ معنى الشرط، ألا ترى أنه لا يجوز (زيد فقائم)، وكذلك من رواه (وشر مواطن) بالواو؛ لأن الواو لا تدخل على الأخبار ولا يجوز (زيد وقائم).

ومما يبين لك تساوي الأمر عند النحويين باب الإخبار بالذي وبالألف واللام، فمن تأمل قول النحويين فيه رأى ما قلنا نصا؛ لأن القائل إذا سأل فقال: أخبرني عن زيد من قولنا (قائم زيد)؟ فجوابه عند النحويين أجمعين أن يقال (الذي قام زيد) و (القائم زيد)، ألا ترى أن المجيب قد جعل زيدا خبرا وإنما سأله السائل أن يخبر عنه، ولم يسأله أن يخبر به، فلو جاء الجواب على حد السؤال لقال زيد الذي قام وزيد القائم. وباب الإخبار كله مطرد على هذا، وإنما جاز ذلك عندهم لأن الفائدة في قولك (الذي قام زيد) كالفائدة في قولك (زيد الذي قام)، كذلك الفائدة في قولك (زيد القائم) كالفائدة في قولك (القائم زيد)، ولولا أن الأمرين عندهم سواء لما جاز هذا.

ومن أظرف ما في هذا الأمر أن جماعة من النحويين الذين لا يجيزون تقديم خبر المبتدأ عليه إذا كان معرفة فلا يجيزون أن يقال: (أخوك زيد) والمراد (زيد أخوك)، واحتجوا بشيئين:

أحدهما: أن المعرفتين متكافئتان ليست إحداهما أحق بأن يسند إليها من الأخرى، وليس ذلك بمنزلة المعرفة والنكرة إذا اجتمعتا.

والحجة الأخرى: أنه يقع الإشكال فلا يعلم السامع أيهما المسند وأيهما المسند إليه، فلما عرض فيهما الإشكال لم يجز التقديم والتأخير، وكان ذلك بمنزلة الفاعل والمفعول إذا وقع الإشكال فيهما لم يجز تقديم المفعول كقولك (ضرب موسى عيسى)، وهذا قول قوي جدا. غير أن النحويين كلهم لم يتفقوا عليه، فعلى مذهب هؤلاء لا يجوز أن يكون شر النساء خبرا مقدما بوجه من الوجوه، فإن كان هؤلاء القوم يريدون صناعة النحو فهذا ما يوجبه صناعة النحو، وإن كانوا يريدون صناعة المنطق فقد قال جميع المنطقيين لا أحفظ في ذلك خلافا بينهم أن في القضايا المنطقية قضايا تنعكس فيصير موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا، والفائدة في كلا الحالتين واحدة، وصدقها وكيفيتها محفوظان عليها.

قالوا: فإذا انعكست ولم يحفظ الصدق والكيفية سمي ذلك انقلاب القضية لا انعكاسها، ومثال المنعكس من القضايا قولنا (لا إنسان واحد بحجر)، ثم نعكس فنقول: (لا حجر واحد إنسان)، فهذه قضية قد انعكس موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا والفائدة في الأمرين جميعا واحدة، ومن القضايا التي لا تنعكس قولنا (كل إنسان حيوان) فهذه قضية صادقة فإن صيرنا موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا فقلنا: (كل حيوان إنسان) عادت قضية كاذبة، فهذا يسمونه انقلابا لا انعكاسا، وبالله التوفيق.

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[31 - 01 - 06, 12:32 ص]ـ

على فرض كون " خلقَه " خبرا مقدما، هذا لا يرجع إلى مسألة: لا يجوز تقدم الخبر إلا إذا كان ظرفا أو جارا و مجرورا، بل المسألة هنا، راجعة إلى باب كان، و قد قرر النحويون أنه يجوز توسط الخبر فيها، مثل قوله تعالى: " و كان حقاً علينا نصرُ المؤمنين "، و قد قال ابن مالك:

و في جميعها توسطَ الخبر --- أجزْ ....................

و الله أعلم

ـ[همام بن همام]ــــــــ[31 - 01 - 06, 04:00 ص]ـ

جاء عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها " كَانَ خُلُقه الْقُرْآن، يَغْضَب لِغَضَبِهِ وَيَرْضَى لِرِضَاهُ ".

فتتمت الحديث تبين التقدير في أول الحديث، وأن التقدير هو: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلقه القرآن، يغضب لغضبه ويرضى لرضاه"؛ لأنه لا يصح تقدير خلقه ولا القرآن على أنه اسم كان لفساد معنى بقية الحديث، فتأمل.

وعلى هذا يترجح القول بأن الإعراب يكون: "كان خلقُه القرآنُ"

فاسم كان ضمير عائد على المسؤول عن خلقه وهو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وخبر كان الجملة الاسمية وهي "خلقه القرآن" سواء قلنا: إن القرآن هو المبتدأ أو خلقه. والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير