وقد استعمل لفظ alcool عندهم مجازاً. عبَّر الشاعر الإنكليزي الشهير صمويل تيلر كلردج (1772 - 1834) عن الغرور والأثرة المفرطة بقوله alcohol of egotism ( عام 1830).
واستعمال لفظ الغول ومشتقاته مجازاً وارد في اللغة العربية وهو أجمل من استعمال لفظ الكحول مجازاً.
قال أبو فراس الحمداني متغزلاً. ذكر هذه الأبيات الشيخ حسن البوريني في شرحه لديوان ابن الفارض- وليست في ديوان أبي فراس المجموع المحقق وهي من ألطف الشعر:
سكرت من لحظه لا من مدامته
ومال بالنوم عن عيني تمايله
فما السلاف دهتني بل سوالفه
ولا الشمول ازدهتني بل شمائله
ألوى بقلبي أصداغ له لوِيت
وغال قلبي بما تحوي غلائله
ونحن إنما نكتفي بهذه العجالة. ولو شئنا التبسط لطال البحث دون أن نخرج عما أفضينا إليه من نتائج.
يبقى أن يتذاكر الكيماويون العرب أنفسهم ويتعاونوا في وضع مصطلحات عربية تقابل المصطلحات العلمية الكثيرة والأجنبية المشتقة من لفظ الغول على أن يكون معهم مختصون باللغة والتراث العربيين يستشارون لدى الحاجة. وقليل ما هم.
والغريب أن يتردد بعض أبناء العرب في استعمال لفظ الغول وهو أقرب للمراد من الكحل. وقد رأينا أن الأجانب استعملوا قديماً للدلالة عليه لفظاً بعيداً جداً منه جرهم إليه تخبطهم كما ظهر في إملاء اللفظ عند نقله.
هذا وكثيراً ما دعيت الخمر بأم الخبائث. وهي في الحقيقة كذلك. غير أن للبحث العلمي الذي قد يشبه التصعيد والتقطير كيمياء عجيبة تستطيع أن تحول ما في الخمر من خبث وشر فتجعله طيباً وخيراً ظاهريين بما يفضي إليه البحث من نتائج علمية ولغوية وأدبية.
5 - خاتمة:
بعد أن كتبت هذه السطور لاح لي خيال الخليل بن أحمد الفراهيدي وهتف في سمعي بهذه الأبيات:
يسائلني صديقي ما يقول
أغول أم كُحَيل أم كحول
فقلت له دع الأوهام طراً
وقل غول لشاربه يغول
وإن الاشتقاق له ظهير
وكم فرع تؤيده الأصول
إذا عرضت لي الآراء شتى
جزمت بما أراه وما أقول
أدقق في المعاني والمباني
وأورد كل خاطرة تجول
أنا العربي عندي كل حكم
تؤيده الطبائع والعقول
فُطرت على الصَّحاح بغير كسر
ولم تجمح بأمثالي الميول
"عبد الكريم اليافي"
الحواشي:
(1) يعني الأب أنستاس الكرملي.
(2) هكذا جاء والصحيح بعضه سائلاً أبيض .. وبعضه سائلاً أسود.
(3) جاء في اللسان في مادة (البَرَم) إنه بمعنى الكحل وإنه قيل للمفضل ما البَرَم قال: الكحل المذاب، ولا نعلم ماذا أراد المفضل بالكحل المذاب؟ أأراد به الكحل السائل الذي وضع في العين للاستشفاء؟ أو أراد به (الكحيل) مصغراً بمعنى النفط الذي يصب على بثور الجرب في الإبل كما يأتي. (المغربي).
(4) الصحيح في النحو كحولاً ولا كحيلاً ولا حاجة لاعتبار اللفظ وارداً على الحكاية.
(5) الصحيح مفرداً لا جمعاً.
(6) الصحيح كحولاً.
(7) يريد الكواكبي لا فيها غول كما ورد في القرآن الكريم.
(8) ما بين الهلالين من إضافات كاتب السطور. والياء والنون المزيدان على اللفظ معناهما آت من أو موجود في.
(9) نستعمل كلمة فحم مقابل Carbone خلافاً لما ذهب إليه بعض الكيماويين الحديثين من استعمال اللفظ الأجنبي.
(10) ما جاء بين الهلالين من كاتب السطور.
(11) الأنزروت ويقال أيضاً العنزورت صمغ شجرة بهذا الاسم من فصيلة القطانيات اسمها اللاتيني astragalus sarcocolla والحضض بضمتين نبات من الفصيلة الباذنجانية واسمه اللاتيني Lycium afrum والفرنسي Jasmin dAfrique Lyciet والإنكليزي Box- thorn والكحل عصارته والبشمة اسمها اللاتيني Cassia Absus ويقال لها العدسة المرة وأيضاً جمشك وجشميز وتششم وششم وهذه ألفاظ فارسية انظر معجم أسماء النبات لأحمد عيسى ومعجم أسماء النبات الواردة في تاج العروس لمحمود مصطفى الدمياطي. ولكن أحمد عيسى يذكر اللفظ الأخير بالياء (يشم) وفي التاج تأكيد على أنها بالباء في مستدرك مادة بشم.
(12) الدَبَر بفتحتين جمع دبرة وهي قرحة الدابة أو كالجراحة تحدث من الرحل ونحوه والقردان بكسر القاف جمع قراد بضمها وهي دويبة تتعلق بالبعير ونحوه كالقمل للإنسان.
في المصطلحات الغولية
¥