تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عصام البشير]ــــــــ[29 - 05 - 05, 10:20 م]ـ

5 - بين الكسائي واليزيدي:

(صيغة أخرى للمناظرة السابقة)

في الأغاني (20/ 239 وما بعدها):

حدثنا اليزيدي قال حدثني عمي عبيد الله قال حدثني أخي أحمد بن محمد قال حدثني أبي محمد بن أبي محمد قال قال لي أبو محمد:

كنا مع المهدي ببلد في شهر رمضان قبل أن يستخلف بأربعة أشهر وكان الكسائي معنا فذكر المهدي العربية وعنده شيبة بن الوليد العبسي عم دفافة فقال المهدي نبعث إلى اليزيدي والكسائي وأنا يومئذٍ مع يزيد بن المنصور خال المهدي والكسائي مع الحسن الحاجب فجاءنا الرسول فجئت أنا فإذا الكسائي على الباب قد سبقني فقال يا أبا محمد أعوذ بالله من شرّك فقلت والله لا تؤتى من قبلي حتى أوتى من قبلك.

فلما دخلنا عليه أقبل علي وقال كيف نسبوا إلى البحرين فقالوا بحراني ونسبوا إلى الحصنين فقالوا حصني ولم يقولوا حصناني كما قالوا بحراني. فقلت أصلح الله الأمير لو أنهم نسبوا إلى البحرين فقالوا بحري لم يعرف أإلى البحرين نسبوا أم إلى البحر فلما جاؤوا إلى الحصنين لم يكن موضع آخر يقال له الحصن ينسب إليه غيرهما فقالوا حصني

قال أبو محمد سمعت الكسائي يقول لعمر بن بزيع وكان حاضراً لو سألني الأمير لأخبرته فيها بعلة هي أحسن من هذه. قال أبو محمد قلت أصلح الله الأمير، إن هذا يزعم أنك لو سألته لأجاب بأحسن مما أجبت به قال فقد سألته. فقال الكسائي لما نسبوا إلى الحصنين كانت فيه نونان فقالوا حصني اجتزاء بإحدى النونين عن الأخرى ولم يكن في البحرين إلا نون واحدة فقالوا بحراني فقلت أصلح الله الأمير فكيف تنسب رجلا من بني جنان فإنه يلزمه على قياسه أن يقول جني إن في جنان نونين فإن قال ذلك فقد سوّى بينه وبين المنسوب إلى الجن.

قال فقال لي المهدي وله: تناظرا في غير هذا حتى نسمع فتناظرنا في مسائل حفظ فيها قولي وقوله إلى أن قلت له: كيف تقول إن من خير القوم أو خيرهم نيةً زيد قال فأطال الفكر لا يجيب فقلت لأن تجيب فتخطئ فتتعلم أحسن من هذه الإطالة فقال: إن من خير القوم أو خيرهم نية زيداً

قال فقلت أصلح الله الأمير، ما رضي أن يلحن حتى لحن وأحال

قال وكيف؟

قلت: لرفعه قبل أن يأتي باسم إن ونصبه بعد رفعه.

فقال شيبة بن الوليد: أراد بأو: (بل) فرفع هذا معنى.

فقال الكسائي ما أردت غير ذلك.

فقلت: فقد أخطآ جميعا أيها الأمير لو أراد بأو بل: رفع زيداً لأنه لا يكون بل خيرهم زيداً.

فقال المهدي يا كسائي لقد دخلت علي مع مسلمة النحوي وغيره فما رأيت كما أصابك اليوم

قال ثم قال هذان عالمان ولا يقضي بينهما إلا أعرابي فصيح يلقى عليه المسائل التي اختلفا فيها فيجيب قال فبعث إلى فصيح من فصحاء الأعرب. قال أبو محمد وأطرقت إلى أن يأتي الأعرابي وكان المهدي محبا لأخواله ومنصور بن يزيد بن منصور حاضر فقلت أصلح الله الأمير كيف ينشد هذا البيت الذي جاء في هذه الأبيات

يا أيها السائلي لأُخبره ... عمن بصنعاءَ من ذوي الحسبِ)

(حِمْيرُ سادتُها تُقر لها ... بالفضل طرّاً جحاجح العرب)

(وإنَّ من خيرهم وأكرمهمْ ... أو خيرَهم نية أبو كرب)

قال فقال لي المهدي: كيف تنشده أنت

فقلت (أو خيرَهم نية أبو كرب) على إعادة إن كأنه قال: أو إن خيرهم نية أبو كرب

فقال الكسائي هو والله قالها الساعة

قال فتبسم المهدي: وقال إنك لتشهد له وما تدري.

قال ثم طلع الأعرابي الذي بعث إليه فألقيت عليه المسائل فأجاب فيها كلها بقولي فاستفزني السرور حتى ضربت بقلنسيتي الأرض وقلت أنا أبو محمد فقال لي شيبة أتتكنى باسم الأمير فقال المهدي والله ما أراد بذلك مكروها ولكنه فعل ما فعل للظفر وقد لعمري ظفر.

فقلت إن الله عز وجل أنطقك أيها الأمير بما أنت أهله وأنطق غيرك بما هو أهله ....

ـ[عصام البشير]ــــــــ[29 - 05 - 05, 10:33 م]ـ

6 - بين المتنبي وسيف الدولة:

في انتقاد بيتي المتنبي:

(وَقَفْتَ وَمَا فِي المَوْتِ شَكٌّ لِوَاقِفٍ ... كَأنَّكَ فِي جَفْنِ الرَّدَى وَهُوَ نَائِمُ)

(تَمُرُ بِكَ الأَبْطَالُ كَلْمى هَزِيمَةً ... وَوَجْهُكَ وَضَّاحُُ وَثَغْرُكَ بَاسِمُ)


في المثل السائر لابن الأثير (2/ 286):

... ولذلك حكاية، وهي أنه لما استنشده سيف الدولة يوما قصيدته التي أولها
(عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ ... ُ) فلما بلغ إلى هذين البيتين قال قد انتقدتهما عليك كما انتقد على امرىء القيس قوله
(كَأَنِّيَ لَمْ أَرْكَبْ جَوَاداً لِلَذَّةٍ ... وَلَمْ أَتَبَطَّنْ كاعِباً ذَاتَ خَلْخَالِ)
(وَلَمْ أَسْبَإِ الزِّقَّ الرَّوِيَّ وَلَمْ أَقُلْ ... لَخِيْلي كُرِّي كَرَّةً بَعْدَ إجْفَالِ)
فبيتاك لم يلتئم شطراهما كما لم يلتئم شطرا بيتي امرىء القيس وكان ينبغي لك أن تقول
(وَقَفْتَ وَمَا فِي المَوْتِ شَكُُّ لِوَاقِفٍ ... وَوَجْهُكَ وَضَّاحُُ وَثَغْرُكَ بَاسِمُ)
(تَمُرُّ بِكَ الأبطالُ كَلْمى هَزِيمَةً ... كأنَّكَ فِي جَفْنِ الرَّدى وَهْوَ نَائِمُ)

فقال المتنبي:
إن صح أن الذي استدرك على امرىء القيس هذا هو أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت أنا. ومولانا يعلم أن الثوب لا يعلمه البزاز كما يعلمه الحائك، لأن البزاز يعرف جملته والحائك يعرف تفاصيله. وإنما قرن امرؤ القيس النساء بلذة الركوب للصيد، وقرن السماحة بسباء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وكذلك لما ذكرتُ الموت في صدر البيت الأول أتبعته بذكر الردى في آخره ليكون أحسن تلاؤما، ولما كان وجه المنهزم الجريح عبوسا وعينه باكية قلت " ووجهك وضاح وثغرك باسم " لأجمع بين الأضداد
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير