&&& ومن الأمثلة على ذلك أيضا، أعني تأثير تقوى الله تعالى في الاقتصاد، قله صلى الله عليه وسلم: (من باع دارا، ثم لم يجعل ثمنها في مثلها، لم يبارك له فيها) رواه الضياء المقدسي والطيالسي والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه.
فهذا ـ كما هو واضح ـ لا علاقة له بالأمور المادية، ولكن علاقته بالأمور الإيمانية، ومن أمثلة ذلك ما نسمعه عن الذين دخلوا البورصة بأثمان بيعهم لبيوتهم، ثم خسروا وانكسروا، فهذا البعد، بعد إيماني غيبي لم ينبه عليه إلا في الاقتصاد الإسلامي، ولايعترف به الاقتصاد الملحد الذي لايبني الاقتصاد على الإيمان بالله تعالى، الممحوق البركة، الذي ملأ العالم جشعا وفسادا.
&&&ومن الأمثلة أيضا: قوله صلى الله عليه وسم ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة، فهذا المعيار خاص في الاقتصاد الإسلامي، وفيه يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الزيادة والنقصان للمال، تؤثر فيهما الصدقة على الفقراء ابتغاء وجه الله تعالى، ولذلك من جهتين:
أحدهما:
ـــ
أن الله تعالى يدفع عن المسلم من البلاء والمصائب، بسبب الصدقة، بما لو لم يتصدق لاجتاحت ماله وهو لا يدري.
الثانية:
ــــ
أن الله تعالى يجعل في المال القليل نفعا أكثر من المال الكثير.
... ثانيا:
ـــــ
أن الاقتصاد الإسلامي، اقتصاد مستقل قائم على الوحي، فليس هو حصيلة أفكار مرقعة شرقية وغربية، ولا مصدره من بشر قد يبدلون، ويغيرون أفكارهم فهم معرضون للصواب والخطأ.
وهذه أهم خصائص الإسلام بشكل عام، فإنه لا يعتمد إلا على الوحي، فهو نظام مستقل قائم بذاته مصدره الوحي الإلهي.
وفي الإسلام، كل النظريات الأخرى في الاقتصاد وغيره، إنما تقاس على الوحي، فما عارض الوحي منها ردّ، فالمعيار المطلق هو موافقة الوحي فحسب، والواقع هو موضع الحكم، وليس مصدر الحكم.
بينما في الاقتصاد الرأسمالي مثلا، المعيار هو النفعية، كما أن الواقع هو موضع الحكم وليس مصدره.
ذلك أن العلمانية هي وعاء الاقتصاد الرأسمالي، وهي مبينة على أساس أن الواقع القائم على الفائدة النفعية هو مصدر الحكم.
وأسس العلمانية الثلاث التي تقوم عليها هي:
المادة والنفعية واللذة، يقابلها عندنا الإيمان بالله تعالى والرسول والسعادة الأخروية.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه:" الأصول الثلاثة التي اتفق عليها الرسل هي الإيمان بالله والرسل والمعاد ".
ومن هنا فنحن ننبه إلى أن بعض البنوك الإسلامية بدأت تتأثر بالرأسمالية، من حيث لا تشعر، وذلك من جهة الحرص على المنفعة وجعلها مصدر الحكم أحيانا، تحت غطاء من حيل.
&&& ومن الأمثلة أن الفكرة في أرباح البنك الإسلامي مبنية على المضاربة،
حيث يدخل السوق ويوفر فرص العمل وينوع السلع وينافس بالأسعار ويحرك الاقتصاد ويضخ إلى السوق النقد والبضائع، ويحرك الدورة الاقتصادية، فيأخذ أموال الجماعة ويوظفها في مصلحة الجماعة، وهذا يحتاج إلى إيمان وصبر، وبه يتحقق الخير العام للمجتمع.
ولكن للأسف، فقد استبطأت بعض البنوك الإسلامية هذه العملية، ولهذا لجأت إلى حيل توفر عليها الجهد، وتعجل الفائدة، مثل توسيع الأمر في نظام المرابحة، وقد وسعت ببعض البنوك الإسلامية أرباحها من هذا المصدر، لأنها وجدته أسهل وأسرع في تحصيل الربح المضمون، ذلك أنها جعلت نظام البيع بالمرابحة، ما هو إلا جعل البنك الإسلامي نفسه وسيطا بين البائع أو التاجر والعميل، فهو لا يحتاج إلا إلى أوراق وطاولة وموظف، يعرف الزبون أن يوقع على الوعد بالشراء، ثم يتصل البنك الإسلامي بالشركة التي تبيع السلعة، وبالهاتف يقول للبائع هناك اشترينا منك السلعة الفلانية، قل: بعت، فيقول البائع هناك بعت، ثم يوقع الزبون عند البنك الإسلامي، على عقد البيع، ويعطي البنك الإسلامي ثمن السلعة نقدا، ويقاسط الزبون بالفوائد، هكذا دون أي عناء، سوى توقيع واتصال هاتفي فقط، ويسمون هذا بيعا شريعا، ومضاربة شرعيا للأسف.
¥