تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا تجد أعظمهم موافقة لأئمة السنة والحديث أعظم عند جميعهم ممن هو دونه، فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمة السنة كان عندهم أعظم من اتباعه، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني لما كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره، وأما مثل الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا أصوله في مواضع، فلا تجدهم يعظمون إلا بما وافقوا فيه السنة والحديث وأكثر من ذلك تقلدوه من مذهب الشافعي في الفقه الموافق للسنة والحديث ... ) أهـ.

(14) البيهقي

كان - رحمه الله – من الأشاعرة، ولكن أثنى عليه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 32/ 240 قائلا: (والبيهقي وغيره من أهل الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالا بلا إسناد) أهـ.

وبين في مواضع عديدة كما في مجموع الفتاوى أنه عالم ومحدث ومنتصر لأقوال الشافعي.

والبيهقي يعتبر من أئمة الحديث، وقد ذكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإرشاد وهي مكونه من رئيس وأعضاء يعتبرون من أكابر علماء المسلمين وعلماء أهل السنة الجماعة في هذا الزمان أقول نص هؤلاء أن الباقلاني والبيهقي وابن الجوزي والنووي وابن حجر وأمثالهم من كبار علماء المسلمين وإنهم من أهل السنة فيما وافقوا في الصحابة والسلف في القرون الثلاثة وأنهم أخطئوا في ما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله.

(15) ابن عبد البر

هو حافظ المغرب وإمام من أئمة الحديث ومن علماء أهل السنة والجماعة وقد نصر مذهب أهل السنة نصراً عظيماً، وألف تواليف طيبة للغاية ومع ذلك وقع في تأويل صفة من صفات الله - عزوجل- وهي الضحك، حيث قال في التمهيد 18/ 345 ما نصه (يضحك الله فمعناه يرحم الله عبده عند ذلك ويتلقاه بالروح والراحة والرحمة والرأفة وهذا مجاز مفهوم ... ) أهـ

قلت: والصواب أن لله ضحكاً يليق بجلاله وضحكه غير رحمته ولكن يدل ضحكه على رحمته والله أعلم.

(16) ابن الجوزي

هو أحد الأئمة، المكثرين من التصنيف، قال عنه ابن قدامة كما ذيل طبقات الحنابلة: (كان ابن الجوزي إمام عصره إلا أننا لم نرتض تصانيفه في السنة ولا طريقته فيها) وقال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - كما في مجموع الفتاوى 4/ 169 (إن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب ولم يثبت على النفي ولا على قدم الإثبات بل له من الكلام في الإثبات نظماً ونثرا ما اثبت به كثير من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف فهو في هذا الباب مثل كثيرين من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس، يثبتون تارة وينفون أخرى في مواضع كثيرة من الصفات، كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي) أهـ.

قلت: وله كتاب في العقيدة عنوانه الباز الأشهب المنقض على مخالفيه المذهب نصر فيه مذهب الأشاعرة، وكتابه التفسير فيه آراء كثيرة مخالفة لمذهب السلف، لكنه مع ذلك أحد أئمة الإسلام ويترحم عليه والله يعفو عنه ويغفر له.

(17) النووي

الفقيه العلامة والإمام الجليل، أحد أئمة الإسلام وهو من أئمة الشافعية، له تصانيف كثيرة وفيها فوائد وفيرة، لكنه وقع في تأويلات وافقت بعض مذاهب المبتدعة وهو مع ذلك من كبار علماء الإسلام وهو من أهل السنة والجماعة فيما وافق الصحابة والسلف في القرون الثلاثة، وأما أخطاؤه، فنسأل الله أن يغفرها له.

(18) الحافظ بن حجر

قال الشيخ سفر الحوالي في رسالته عن الأشاعرة: (إن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو خصائص مذهبهم، فمثلاً خالفهم في الإيمان وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وأخره {الفتح 1/ 46 - 3/ 357،361 - 13/ 347 - 350} كما أنه نقد شيخهم في التأويل ابن فورك في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخافهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها الآن، والذي أراه أن الحافظ - رحمه الله – أقرب شيء إلى العقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلي ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية، ولو قيل أن الحافظ - رحمه الله – كان متذبذباً في عقيدته لكان ذلك أقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد والله أعلم) أهـ.

قلت: وقد نصت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء المكونة من كبار علماء المسلمين في هذا الزمان أن الحافظ من أهل السنة، لكن له أخطاؤه والله يغفر له والله أعلم.

* وفي الختام ينبغي أن نكون منصفين وأن نترحم على العلماء والمحدثين وأن نتجنب طريقة والوعيدية المبتدعين، فمعرفة هذا الباب تحتاج عدلاً وإنصافاً، وكما أن الظلم والجهل سبب الذنوب والمعاصي، فكذلك العلم والعدل طريق الهداية ومقدمة الحسنات.

ولم أذكر في هذه الرسالة كل العلماء الذين رموا أو تلبسوا ببدعة فإن هذا يحتاج إلى كتاب كبير وإنما ذكرت أسماءً مشهورة على سبيل المثال لا الحصر، والمقصود أن نعرف القاعدة في ذلك، ونفهم طريقة السلف في معاملة العلماء والمحدثين حتى لو وقعوا في أخطاء أو بدع.

هذا والله أسأل أن يوفقنا لما فيه رضاه وأن يهدينا الصراط المستقيم وإلى هنا كفاية وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه

الشيخ ناصر بن لازم

18 رمضان 1414 هـ

الموافق 28 فبراير 1994 م

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير