تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا تقرر هذا علمنا أن القول الراجح في حكم سجود التلاوة هو الاستحباب، فسجود التلاوة مسنون وليس واجباً، وهذا هو قول جمهور العلماء ولم يفرق هولاء العلماء بين سجود التلاوة خارج الصلاة وداخلها، ولو كان هناك فرق لذكر في مثل هذه الواضع التي ذكر فيها أحكام سجود التلاوة والله تعالى أعلم.

ثانيا: ليس المقصود من قراءة سورة السجدة في فجر الجمعة هي السجدة لذاتها.

إذا لوكانت هي المقصودة لذاتها لكان لمن يرى عدم جواز تركه حظ من النظر، فقدسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (عَمَّنْ قَرَأَ " سُورَةِ السَّجْدَةِ " يَوْمَ الْجُمُعَةِ: هَلْ الْمَطْلُوبُ السَّجْدَةُ فَيُجْزِئُ بَعْضُ السُّورَةِ وَالسَّجْدَةُ فِي غَيْرِهَا؟ أَمْ الْمَطْلُوبُ السُّورَةُ؟.

الْجَوَابُ

فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. بَلْ الْمَقْصُودُ قِرَاءَةُ السُّورَتَيْنِ: {الم} {تَنْزِيلُ} و: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} لِمَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْرِ خَلْقِ آدَمَ وَقِيَامِ السَّاعَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ السَّجْدَةَ) راجع الفتاوى 5/ 414،415)

قال ابن القيم: و يظن كثير من لا علم عنده أن المراد تخصيص هذه الصلاة بسجدة زائدة، و يسمونها سجدة الجمعة، و إذا لم يقرأ أحدهم هذه السورة، استحب قراءة سورة أخرى فيها سجدة، و لهذا كره من كره من الأئمة المداومة علي قراءة هذه السورة في فجر الجمعة دفعاً لتوهم الجاهلين. زاد المعاد (1/ 375). و انظر كلام الحافظ في الفتح (/ 439، 440) ففيه مزيد تفصيل.

ثالثا: لا يوجد دليل خاص يخصص سجدة سورة السجد بوجوب السجود.

فلا يوجد دليل يخصص سورة السجد بسجود إلا بناء على الأدلة العامة، فمن أستدل بالأدلة العامة يرى السجود فيها، وعلى قول جمهور العلماء أنه مستحب أما أن يقال أن هناك دليل صحيح صريح من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من فعله في خصوصها فلا، وقد نص على هذا جمع من المحققين منهم الإمام الحافظ ابن حجر ومن المتأخرن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمهما الله جميعا: يقول الحافظ ابن حجر" ... لَمْ أَرَى في شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل السجدة في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر فقرأ سورة فيها سجدة فسجد، الحديث. وفي إسناده من ينظر في حاله، وللطبراني في الصغير من حديث علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة، لكن في إسناده ضعف ... ) فتح الباري 2/ 461 من طبعة دار الحديث)

لذلك لا ينبغي الإنكار على من لم يسجد السجدة التي في سورة آلم تنزيل أي في سورة السجدة، لإن الدليل على السجود هو الدليل العام وقد ثبت تركه من عمر بن الخطاب وقول ابن عمر صريح أيضا في هذا.

رابعا: يجوز ترك السجود في بعض الأحيان لاسيما لحاجة بيان حكمه للناس.

نص جمع من أهل العلم أن الأولى في حق الإمام أن لا يستديم قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة ذكره ابن القيم في الزاد والحافظ في الفتح وذلك وحتى لا يعتقد الناس أنها واجية، كذلك يمكن أن يقال في هذا الأمر يمكن تركه أحيانا لبيان أنه سنة وليس بواجب خصوصا وقد اعتقد كثير من الناس أنه من الواجبات والدليل على هذا حجم الإنكار الذي نراه يقع من الناس على من ترك السجود حتى تجد أن كثيرا منهم فرطوا في واجبات ثبتت بنصوص صحيحة وصريحة وتساهلوا فيها وإذا أتيت إلي هذه القضية تشددوا فيها وأحدثوا ضجة وماذلك إلا بسبب جهلهم بالحكم فيها. والله أعلى و أعلم وبالله التوفيق.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير