تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يجوز ترك السجود أحيانا في فجر الجمعة عند قراءة آية السجدة في سورة السجدة]

ـ[محمد الشميري]ــــــــ[12 - 12 - 06, 06:02 م]ـ

يجوز أن يترك الإمام أحيانا سجود التلاوة في سورة السجدة أثناء قرأتها في فجر الجمعة وذلك أن:

(1) سجود التلاوة في الصلاة وخارجها سنة وليس بواجب

هذا هو قول جماهير أهل العلم، قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وعمران بن حصين ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود وغيرهم، وهو مارجحه جمع من المحققين منهم علامة المغرب أبوعمربن عبدالبر والشوكاني وغيرهما كثير وهو الراجح، بل هو الصحيح الذي لاينبغي التعويل على غيره، لإنه القول الذي تنصره الأدلة، وتقويّه وترجحه القواعد الأصولية العلمية.

وقد بيّن ابن عبد البر هذه الأدلة، ورجح هذا القول بمقتضى القواعد العلمية الشرعية

فأمَّا الأدلة؛ فقد ذكر منها ما ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قرأ سورة النحل على المنبر يوم الجمعة، حتى إذا جاء السجدة سجد وسجد الناس معه، ثُمَّ لَمَّا قرأها في الجمعة الأخرى، وجاء السجدة قال: أيها الناس، إنَّا نَمُرُّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد - رضي الله عنه.

وهذا دليل على أن (القول من عمر رضي الله عنه في هذا الموطن والمجمع العظيم دليلٌ ظاهر في إجماع الصحابة وغيرهم أن سجود القرآن ليس بواجب)

المجموع للنووي 4/ 62.

وجميلٌ نقل ما قاله ابن القيم - رحمه الله تعالى - حيث قال: (ومِن المحال أن يكون الخطأ في مسألة أفتى بها مَن جعل الله الحق على لسانه وقلبه حظّه ولاينكره عليه أحدٌ من الصحابة، ويكون الصواب فيها حظّ من بعده، هذا مِن أبين المحال!!) إعلام الموقعين لابن القيم 4/ 178، 179، 180، حيث قرر هذا الكلام وأكّده أكثر من مرة

ومن الأدلة الصحيحة الصريحة في هذه المسألة ما رواه البخاري في صحيحه، عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم {والنجم} فلم يسجد فيها)

أخرجه البخاري في كتاب سجود القرآن، باب: من قرأ السجدة ولم يسجد رقم [1072] ص 213 وأخرجه مسلم (577) مطوّلاً.

ووجه دلالة هذا الحديث على عدم الوجوب، أن سجود التلاوة في سورة النجم ثابت شرعاً، كما في الأحاديث الصحيحة، ومع ثبوتها فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد، ولم يأمر زيداً - رضي الله عنه - أن يسجد لَمَّا قرأها، ولو كان السجود واجباً لأمره به؛ لأن من القواعد المقررة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز.

وقد عبّر الحافظ الثبت، إمام الأئمة، وشيخ الإسلام، أبو بكر، محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال الدارقطني - رحمه الله - على وجه الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب السجود بقوله في صحيحه: (باب: ذكر الدليل على أن السجود عند قراءة السجدة فضيلة لا فريضة، إذ النبي صلى الله عليه وسلم سجد وسجد المسلمون معه والمشركون جميعاً؛ إلاَّ الرجلين اللذين أرادا الشهرة، وقد قرأ زيد بن ثابت عند النبي صلى الله عليه وسلم {النجم} فلم يسجد، ولم يأمره عليه السلام، ولو كان السجود فريضة؛ لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بها، ولولم تكن في

{النجم} سجدة؛ كما توهم بعض الناس ... لما سجد النبي صلى الله عليه وسلم في {النجم}) (صحيح ابن خزيمة 1/ 284) ا هـ.

وقال البغوي - رحمه الله - بعد أن ذكر حديث زيد السابق: (فيه دليلٌ على أن سجود التلاوة غيرُ واجب، إذ لو كان واجباً لم يتركِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيداً حتى يسجد) شرح السنة للبغوي 3/ 310. هـ.

وأمَّا القواعد العلمية التي ترجح القول بعدم الوجوب، فقد أشار إليها ابن عبدالبر بقوله: (فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضاً؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله ولا اتفق العلماء على وجوبه، والفرائض لاتثبت إلاَّ من الوجوه التي ذكرنا، أو ماكان في معناها، وبالله توفيقنا) هـ. الاستذكار 8/ 109.

وقال في موضع آخر - بعد ذكره للأثرين عن عمر وابنه -: (أي شيء أبين من هذا عن عمر، وابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة فيما علمت، وليس قول من أوجبهما بشيء، والفرائض لاتجب إلاَّ بحجة لا معارض لها - وبالله التوفيق) هـ التمهيد 19/ 133.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير