[ما الراجح في هذه المسألة التي ذكرها ابن رشد في بداية المجتهد؟؟]
ـ[محمد جمال المصري]ــــــــ[27 - 12 - 06, 10:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الإمام ابن رشد في بداية المجتهد هذه المسألة:
اختلف الناس في قليل النجاسات على ثلاثة أقوال:
1 - فقوم رأوا قليلها وكثيرها سواء وممن قال بهذا القول الشافعي.
2 - وقوم رأوا أن قليل النجاسات معفو عنه وحدوه بقدر الدرهم البغلي وممن قال بهذا القول أبو حنيفة وشذ محمد بن الحسن فقال: إن كانت النجاسة ربع الثوب فما دونه جازت به الصلاة.
3 - وقوم رأوا: أن قليل النجاسات وكثيرها سواء إلا الدم على ما تقدم وهو مذهب مالك وعنه في دم الحيض روايتان والأشهر مساواته لسائر الدماء. وسبب اختلافهم اختلافهم في قياس قليل النجاسة على الرخصة الواردة في الاستجمار للعلم بأن النجاسة هناك باقية فمن أجاز القياس على ذلك استجاز قليل النجاسة ولذلك حدوه بالدرهم قياسا على قدر المخرج ومن رأى أن تلك رخصة والرخص لا يقاس عليها منع ذلك. وأما سبب استثناء مالك من ذلك الدماء فقد تقدم وتفصيل مذهب أبي حنيفة أن النجاسات عنده تنقسم إلى مغلظة ومخففة وأن المغلظة هي التي يعفى منها عن قدر الدرهم والمخففة هي التي يعفى منها عن ربع الثوب والمخففة عندهم مثل أرواث الدواب وما لا تنفك منه الطرق غالبا وتقسيمهم إياها إلى مغلظة ومخففة حسن جداً.
"انتهى كلامه رحمه الله"
السؤال: ما هو القول الراجح في مسألة تحديد قليل النجاسة مع الدليل وبيان سبب الترجيح؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[محمد جمال المصري]ــــــــ[31 - 01 - 07, 01:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الإمام ابن رشد في بداية المجتهد هذه المسألة:
اختلف الناس في قليل النجاسات على ثلاثة أقوال:
1 - فقوم رأوا قليلها وكثيرها سواء وممن قال بهذا القول الشافعي.
2 - وقوم رأوا أن قليل النجاسات معفو عنه وحدوه بقدر الدرهم البغلي وممن قال بهذا القول أبو حنيفة وشذ محمد بن الحسن فقال: إن كانت النجاسة ربع الثوب فما دونه جازت به الصلاة.
3 - وقوم رأوا: أن قليل النجاسات وكثيرها سواء إلا الدم على ما تقدم وهو مذهب مالك وعنه في دم الحيض روايتان والأشهر مساواته لسائر الدماء. وسبب اختلافهم اختلافهم في قياس قليل النجاسة على الرخصة الواردة في الاستجمار للعلم بأن النجاسة هناك باقية فمن أجاز القياس على ذلك استجاز قليل النجاسة ولذلك حدوه بالدرهم قياسا على قدر المخرج ومن رأى أن تلك رخصة والرخص لا يقاس عليها منع ذلك. وأما سبب استثناء مالك من ذلك الدماء فقد تقدم وتفصيل مذهب أبي حنيفة أن النجاسات عنده تنقسم إلى مغلظة ومخففة وأن المغلظة هي التي يعفى منها عن قدر الدرهم والمخففة هي التي يعفى منها عن ربع الثوب والمخففة عندهم مثل أرواث الدواب وما لا تنفك منه الطرق غالبا وتقسيمهم إياها إلى مغلظة ومخففة حسن جداً.
"انتهى كلامه رحمه الله"
السؤال: ما هو القول الراجح في مسألة تحديد قليل النجاسة مع الدليل وبيان سبب الترجيح؟
وجزاكم الله خيراً
وقفت على كلام في شرح الزاد للشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى في المسألة المذكورة، فأحببت أن أضيفه للفائدة:ـ
ولذلك قال جمهور العلماء: إنّ الدمَ نَجِسٌ، وهو الراجح لدلالة النّصوص القويّة على رجحانه كما قدمنا، ولم يُخالف في ذلك إلا بعض أهل الظاهر، وبعض أهل الحديث رحمهم الله.
وإذا قلنا بمذهب الجماهير بنجاسة الدم، فإنه يُفرّق بين كثيره، وقليله، فقد أجمع العلماء على أن يسير الدم معفو عنه، وفيه حديث ضعيف، وهو حديث الدّرهم البَغْلِي، والصحيح أنه لا يثبت عن النبي- r- إستثناء هذا القدر؛ وإنما اُستثني بدليل الكتاب، والإجماع أما دليل الكتاب فقوله سبحانه: {أَوْ دَماً مَسْفُوحَاً أوْ لَحمَ خِنْزيرٍ فَإِنّه رِجْسٌ} فلما حكم بنجاسة الدم، وصفه بكونه مسفوحاً، والمسفوح: هو الكثير، ومفهوم ذلك أن اليسير لا يأخذ حكم الكثير المسفوح فاستثني، وتأيّد هذا بفعل الصحابة رضي الله عنهم كما صحّ عن عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس رضي الله عنهم أنهما لم يريا في البثرة شيئاً بل كان أحدهم يعصرها فيخرج منها الدم، ويصلي، ولا يغسلها، وأما الإجماع: فلأن جميع من قال بنجاسة الدم إستثنى اليسير، وإن كانوا قد اختلفوا فيما بينهم في حدِّ اليسير كما تقدم معنا، فهم بهذا متفقون على أن اليسير معفو عنه.
ونظراً لدلالة الكتاب، والإجماع إستثنى العلماء رحمهم الله يسير الدم، ولم يحكموا فيه بالأصل، لأنّه محلّ العفو من الشرع.
ويستوي عند العلماء رحمهم الله في هذا الإستثناء أن يكون قدر الدرهم منحصراً في موضع معين، أو متفرقاً في مواضع، فما دام أنه بمجموعه لا يبلغ قدر الدرهم، فهو يسير، وعفو.
ثم إذا قلنا على القول المرجوح في مسألة القُلتين إن التّحديد بهما معتبر، فإن يسير الدم لو وقع في إناء دون القلتين حكمنا بنجاسته، ولا تدخل هذه المسألة معنا، وهذا هو ما أشار إليه المصنف رحمه الله بالتّعبير بالقيد في قوله: [في غيرِ مائعٍ، ومطعومٍ]، وأما على مذهب المالكية، والظاهرية الذي قدمنا رجحانه فإن العبرة بالتغيّر، فإن حصل تغيّر لم يُعفَ، وإلا كان عفواً، والمائع طاهر، وطهور بحسبه.
وإذا قلنا: إن يسير الدم معفو عنه؛ فإنه يرد السؤال هل يلتحقُ بغيرِ الدّم غيرُه؟
فمن العلماء من قال: أقْصُر الرّخصةَ على محلّها، فأعفو عن الدم وحدَه، لأنه هو الذي دل عليه دليل الكتاب، وهو الذي فعله الصحابة -رضوان الله عليهم- فيبقى غيره على الأصل.
وقال بعض العلماء: ما دامت العلّة التخفيف، وأن اليسير لا يأخذ حكم الكثير، فنطرد ذلك في كل نجاسة، فنقول: يسير النجاسة معفو عنه سواء كان دماً، أو غيره، والمذهب الأول: أرجح، لإعماله لدليل الأصل، وقصر الرخصة على محلِّها، وعليه فإن الحكم باستثناء اليسير يختصّ بالدم وحده، ولا يلتحقُ به غيره من النّجاسات؛ كيسير المَذْي، والودْي، والبول، والغائط، فكلُّها باقيةٌ على الأصل لضعف دليل الإستثناء.
انتهى كلامه ...