وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكر وعمر، وكان عمر يختاره للناس وكذلك علي ـ رضي الله عنه ـ وقال عمر وعلي في قوله: (وأتموا الحج والعمرة لله) قالا: إتمامها أن تهل بهما من دويرة أهلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في عمرتها: ((أجرك على قدر نصبك)) وإذا رجع الحاج إلى دويرة أهله، فأنشأ منها العمرة، أو اعتمر قبل أشهر الحج، وأقام حتى يحج، أو اعتمر في أشهره، ورجع إلى أهله ثم حج، فهنا قد أتى بكل واحد من النسكين من دويرة أهله. وهذا أتى بهما على الكمال. فهو أفضل من غيره.
وقال في الفتاوى (26/ 303): والأفضل لمن ساق الهدي أن يقرن بين العمرة والحج، وإن لم يسق الهدي وأراد أن يجمع بين العمرة والحج فالتمتع أفضل، وإن حج في سفرة، واعتمر في سفرة، فالإفراد أفضل له. أ. هـ
لكن هناك ماهو أفضل من هذه الصورة كما سيأتي في الصورة الرابعة.
الصورة الرابعة: من أتى بالعمرة في رمضان أو في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده وأراد الحج. فهل الأفضل أن يأتي بالإفراد أو بالتمتع؟! يعني هل الأفضل أن يأتي بالحج فقط أو يأتي وحج؟!
وهذه المسألة هي التي أشكلت على البعض؛ فذكروا أن رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه الصورة أن الإفراد أفضل. والصحيح من رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه الصورة أن التمتع أفضل. لأن فيه جمع بين عمرتين وحجة وهدي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (26/ 88): من سافر سفرة واحدة واعتمر فيها، ثم أراد أن يسافر أخرى للحج، فتمتعه أيضاً أفضل له من الحج، فإن كثيراً من الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع هذا فأمرهم بالتمتع، لم يأمرهم بالإفراد.
ولأن هذا يجمع بين عمرتين وحجة وهدي، وهذا أفضل من عمرة وحجة.
وكذلك لو تمتع ثم سافر من دويرة أهله للمتعة، فهذا أفضل من سفرة بعمرة وسفرة بحجة مفردة، وهذا المفرد أفضل من سفرة واحدة يتمتع فيها.
وأما إن أراد أن يجمع بين النسكين بسفرة واحدة، ويسوق الهدي، فالقران أفضل، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قرن وساق الهدي ... الخ. أ. هـ
وقال شيخ الإسلام ـ الفتاوى (26/ 276): ولهذا كان الصواب أن من ساق الهدي فالقران له أفضل، ومن لم يسق الهدي وجمع بينهما في سفر، وقدم في أشهر الحج فالتمتع الخاص أفضل له.
وإن قدم في شهر رمضان وقبله بعمرة فهذا أفضل من التمتع، وكذلك لو أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة فهو أفضل من المتعة المجردة، بخلاف من أفرد العمرة بسفرة، ثم قدم في أشهر الحج متمتعاً فهذا له عمرتان وحجة فهو أفضل، كالصحابة الذين اعتمروا مع النبي صلى الله عليه وسلم عمرة القضية، ثم تمتعوا معه في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج فهذا أفضل الإتمام، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم: اعتمر أولاً، ثم قرن في حجه بين العمرة والحج لما ساق الهدي، لكنه لم يزد على عمل المفرد، فلم يطف للعمرة طوافاً رابعاً ولهذا قيل إنه أفرد بالحج ... الخ.
فتبين بهذا أن من جاء بعمرة في رمضان أو شوال. ثم رجع إلى بلده، ثم رجع إلى الحج فالأفضل في حقه التمتع.
والله أعلم،،،
الشيخ / فهد بن سعد أبا حسين
[email protected]
المصدر: http://saaid.net/Doat/fahd/4.htm