تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب - إن القول: بأن المقصود بقول جابر: فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي. التحلل من الحج يرده مزيد التأمل والتدبر في نهاية الحديث، وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم، فلقد أمر صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين أحرموا بالحج معه أن يحلوا منه إلى عمرة واشتد غضبه صلى الله عليه وسلم على قوم ترددوا في الأخذ بقوله وأمره. أما التحلل من الحج يوم العيد فإنه لا يكون بأمر، وإنما يحصل بأفعال يفعلها الحاج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة، وفضلا عن ذلك كله فإن راوي الحديث عن جابر - وهو: أبو الزبير - قد أبان المقصود من ذلك، فقد ذكر أبو عبد الله الأبي في شرحه [صحيح مسلم] عند كلامه على حديث جابر ما نصه: ويعني بقوله حين أمرهم: يعني: إحلال الفسخ الذي أمرهم به في حجة الوداع. اهـ.

إن القول: بأن في الحديث زيادة شاذة لمخالفتها ما سبق من الأدلة الصحيحة الخالية من هذه الزيادة، وأن مدارها على محمد بن بكر البرساني - يمكن أن يناقش بما يلي:

1 - نفي الشذوذ في هذه الزيادة، إذ هي لم تخالف غيرها من الروايات، فليس هناك حديث صحيح ينص على بدء وقت ذبح هدي التمتع والقران بيوم النحر، وإنما غاية ما في الأمر مفاهيم لا يجوز أن يحكم بها على زيادة من عدل رواها مسلم في [صحيحه] إذ الزيادة من العدل مقبولة.

2 - إن القول: بأن مدار هذه الزيادة على محمد بن بكر البرساني غير صحيح، فقد روى الإمام أحمد في [مسنده] هذا الحديث بكامل هذه الزيادة عن محمد بن بكر وروح بن عبادة القيسي فقال: حدثنا محمد بن بكر وروح قالا: حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: مسند أحمد بن حنبل (3/ 378).فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في البدنة وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجتهم. اهـ[مسند الإمام أحمد] (3\ 378). . وروح هو: روح بن عبادة القيسي، قال الحافظ ابن حجر: كان أحد الأئمة، وثقه علي بن المديني ويحيى بن معين ويعقوب بن شيبة وأبو عاصم وابن سعد والبزار، وأثنى عليه أحمد وغيره، وقال يعقوب بن شيبة: قلت لابن معين: زعموا أن ابن القطان كان يتكلم فيه فقال: باطل ما تكلم فيه. . إلى أن قال الحافظ: قلت: احتج به الأئمة كلهم. اهـ. [هدي الساري] (2\ 127). .

وقال الحافظ ابن حجر في محمد بن بكر ما نصه: وثقه أبو داود والعجلي، وقال عثمان الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ محله الصدق. إلى آخر ما قال [هدي الساري] (2\ 159). .

وقال في [تهذيب التهذيب]: قال حنبل بن إسحاق عن أحمد: صالح الحديث، وقال الدوري عن ابن معين: ثنا البرساني، وكان والله ظريفا صاحب أدب، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، وقال أبو داود والعجلي: ثقة. قال الحافظ: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال هو وابن سعد وآخرون: مات سنة ثلاث ومائتين، زاد ابن سعد: بالبصرة في ذي الحجة وكان ثقة، وذكر الحافظ أنه أجاب عن قول الذهبي في البرساني، روى عن عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة في حديث بسرة في مس الذكر: أو أنثييه أو فرجه فرفع الزيادة، وإنما هي من قول عروة قال: قد أوضحت ذلك في المدرج وذكرت فيه من شاركه في رفع هذه الزيادة لكن عن غير شيخه وبينت سبب الإدراج ومستنده [تهذيب التهذيب] (9\ 78). . 3 - إن هذه الزيادة غير شاذة، ففضلا عن أن محمد بن بكر لم ينفرد بها، بل اشترك معه في روايتها عند أحمد روح بن عبادة وأنه ليس في الروايات الأخرى نص صريح في مخالفتها فقد تأيدت بما روى الحاكم في [مستدركه] والطبراني في [الكبير] من مسند أحمد بن حنبل (1/ 307).أنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالإحلال من الحج وفسخه إلى عمرة إلا من ساق معه الهدي، ثم قسم صلى الله عليه وسلم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه. وسيأتي مزيد نقاش لحديث الحاكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير