تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

9 [لقمان:11]، والخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء وفي إيجاد الشيء من الشيء.

والخلق قد يأتي أيضا بمعنى الكذب على اعتبار أن الذي يكذب يؤلف وينشئ كلاما لا يطابق الحقيقة، ومن ذلك قوله: (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكا) [العنكبوت:17]، وقوله: (إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ) [الشعراء:137].

وكذلك أخي الفاضل الخلاّق بمعنى ما سبق؛إلا انه على صيغة المبالغة التي تدل على كثرة الخلق؛ أي انه يخلق خلقا من بعد خلق - سبحانه وتعالى - كما قال تعالى: (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث) يخلق الانسان من طور إلى طور وما يقدر على ذلك الا الخلاّق - سبحانه وتعالى -.

أما الرازق:الرازق في اللغة اسم فاعل، فعله رَزَقَ يرزُق رَزْقاً ورِزْقاً، والرِّزْقُ هو ما يُنْتَفعُ به وجمعه أَرْزاق، والرزق هو العَطاء، واسْتَرْزَقه يعني طلب منه الرِّزق، وقد يسمى المطر رزقاً لأَن الرِّزْق يكون على أثره، ومعنى قول الله تعالى: ? وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ? [الواقعة:82] أَي شُكرَ رزقكم مثل قولهم: مُطِرنا بنَوْءِ الثريا أو بنوء كذا وكذا، والأَرزاقُ نوعان: ظاهرة كالأَقوات للأَبدان، وباطنة كالمَعارف والإيمان للقلوب والنُّفوس ().

والرازِقُ سبحانه هو الذي يرزق الخلائق أَجمعين، وهو الذي قدر أرزاقهم قبل خلق العالمين، وهو الذي تكفل باستكمالها ولو بعد حين، فلن تموت نفس إلا باستكمال رزقها كما أخبرنا الصادق الأمين S ، روى ابن ماجة وصححه الألباني من حديث جَابِرِ ? أن النَّبِيِّ S قال: (أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ) ()، ومن حديث أبي أمامة ? أن النَّبِيِّ S قَالَ: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) ()، وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ َ? [فاطر:3]، فالرازق اسم يدل على وصف الرزق المقارن للخلق في التقدير الأزلي والميثاقي، فالله سبحانه قدر خلقهم ورزقهم معا قبل وجودهم، وكتب أرزاقهم في الدنيا والآخرة قبل إنشائهم، فالرزق وصف عام يتعلق بعموم الكون في عالم الملك والملكوت.

قال ابن تيمية: (والرزق اسم لكل ما يغتذى به الإنسان وذلك يعم رزق الدنيا ورزق الآخرة .. فلابد لكل مخلوق من الرزق، قال الله تعالى: ? وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ? [هود:6]، حتى إن ما يتناوله العبد من الحرام هو داخل في هذا الرزق، فالكفار قد يرزقون بأسباب محرمة ويرزقون رزقا حسنا، وقد لا يرزقون إلا بتكلف، وأهل التقوى يرزقهم الله من حيث لا يحتسبون، ولا يكون رزقهم بأسباب محرمة ولا يكون خبيثا، والتقى لا يحرم ما يحتاج إليه من الرزق، وإنما يحمى من فضول الدنيا رحمة به وإحسانا إليه، فإن توسيع الرزق قد يكون مضرة على صاحبه، وتقديره يكون رحمة لصاحبه) من كلام شيخنا الدكتور محمود عبد الرازق في شرحه على الاسماء الحسنى مع بعض الزيادة مني، واما الرَّزَّاق يقال فيها كما قيل في الخلاّق، والله سبحانه اعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير