تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/ 210، 211).

وانظر: " فتح الباري " (8/ 271)، " تحفة الأحوذي " (4/ 27).

ثانياً:

هذا، ولعله من أسباب انتشار هذا الأمر بين الناس أنه ذُكر في كتب الحنفية والشافعية.

قال الحنفية:

لوقفة الجمعة مزية سبعين حجة، ويغفر فيها لكل فرد بلا واسطة.

وقالوا:

أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة.

" رد المحتار على الدر المختار " (2/ 621).

وقال الشافعية:

وقيل: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة: غَفر الله تعالى لكل أهل الموقف، أي: بلا واسطة، وغير يوم الجمعة بواسطة، أي: يهب مسيئهم لمحسنهم.

" مغني المحتاج " (1/ 497).

ثالثاً:

ولا يعني بطلان الحديث أنه ليس لوقوف عرفة يوم الجمعة مزية، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله عشر مزايا لذلك، ونوردها لعظَم فائدتها.

قال – رحمه الله -:

والصواب: أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم عرفة ويوم النحر أفضل أيام العام، وكذلك ليلة القدر وليلة الجمعة، ولهذا كان لوقفة الجمعة يوم عرفة مزية على سائر الأيام من وجوه متعددة:

أحدها: اجتماع اليومين اللذيْن هما أفضل الأيام.

الثاني: أنه اليوم الذي فيه ساعة محققة الإجابة، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر، وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع.

الثالث: موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرابع: أن فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة، وصلاة الجمعة، ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة، فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه.

الخامس: أن يوم الجمعة يوم عيد، ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة، ولذلك كُره لمن بعرفة صومه ... .

قال شيخنا – أي: ابن تيمية -: وإنما يكون يوم عرفة عيداً في حق أهل عرفة؛ لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار؛ فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر، فكان هو العيد في حقهم، والمقصود: أنه إذا اتفق يوم عرفة ويوم جمعة: فقد اتفق عيدان معاً.

السادس: أنه موافق ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم، كما ثبت في صحيح البخاري عن طارق بن شهاب قال: جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين آية تقرؤونها في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيداً قال: أي آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) المائدة/3، فقال عمر بن الخطاب: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، يوم جمعة، ونحن واقفون معه بعرفة.

السابع: أنه موافق ليوم الجمع الأكبر، والموقف الأعظم يوم القيامة؛ فإن القيامة تقوم يوم الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه) ...

الثامن: أن الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة وليلة الجمعة أكثر منها في سائر الأيام، حتى إن أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته، ويرون أن من تجرأ فيه على معاصي الله عز و جل عجل الله عقوبته ولم يمهله، وهذا أمرٌ قد استقر عندهم، وعلِموه بالتجارب، وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له من بين سائر الأيام، ولا ريب أن للوقفة فيه مزية على غيره.

التاسع: أنه موافق ليوم المزيد في الجنة ... وهو يوم جمعة، فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره.

العاشر: أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف، ثم يباهي بهم الملائكة ... .

فبهذه الوجوه وغيرها فضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها.

وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم.

" زاد المعاد " (1/ 60 – 65) باختصار.

والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير