ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 03:39 م]ـ
بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا
ـ[عمر الصميدعي]ــــــــ[16 - 03 - 09, 02:15 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - 03 - 09, 06:33 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراتبة الفجر ركعتان ولكن اختلفَ أهل العلم في حكم الصلاة بعد طلوع الفجر لغير هاتينَ الركعتين, فذهبَ جمهور العلماء إلى منع الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، واستدلوا على ذلك بالسنة القولية والفعلية، فأما السنة القولية فعن يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: يَا يَسَارُ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي فَقَالَ: لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ أخرجه أبو داود، والترمذي، وأحمد.
وقد ضعف هذا الحديثَ جماعةٌ من الأئمة والحفاظ، وجزم ابن حزمٍ بأنه مكذوب، وناقشه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المحلى وجزمَ بصحة الحديث، والذي يظهر أن الحديث له طرق هو بمجموعها صحيحٌ أو حسن، ويؤيده السنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. أخرجه البخاري، ومسلم.
وقد ذهبَ إلى هذا جمعٌ من السلف، فعَنْ إبْرَاهِيمَ: قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَنْ يُصَلُّوا إلَّا رَكْعَتَيْنِ. أخرجه ابن أبي شيبة.
وقد بالغَ الترمذي فحكى الإجماع على أنه لا نافلة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر الراتبة، فقال: وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. اهـ.
ورد الحافظ ابن حجر على هذا الإجماع في التلخيص الحبير فقال: دَعْوَى التِّرْمِذِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَشْهُورٌ حَكَاهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ.
وممن فصل في المسألة الإمام النووي في شرحه لمسلم، فقال عند شرحه لحديث حفصة رضي الله عنها: قَوْله: كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْن. قَدْ يَسْتَدِلّ بِهِ مَنْ يَقُول: تُكْرَه الصَّلَاة مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَّا سُنَّة الصُّبْح, وَمَا لَهُ سَبَبٌ, وَلِأَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَوْجُه:
أَحَدهَا: هَذَا, وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ مَالِك وَالْجُمْهُور.
وَالثَّانِي: لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي سُنَّة الصُّبْح.
وَالثَّالِث: لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي فَرِيضَة الصُّبْح, وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا, وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل ظَاهِر عَلَى الْكَرَاهَة إِنَّمَا فِيهِ الْإِخْبَار بِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي غَيْر رَكْعَتَيْ السُّنَّة وَلَمْ يَنْهَ عَنْ غَيْرهَا. اهـ.
فظهرَ منه أن النووي ينتصر للقول بعدم الكراهة، وأعدلُ ما قيل في المسألة فيما نرى هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو جواز الصلاة بعد طلوع الفجرِ ولو أكثر من ركعتين بشرط ألا يُتخذ ذلك عادة وسنة راتبة.
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى: فَهَذَا فِيهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِك، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بَيْنَ أَذَانَيْ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، لَكِنْ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ الرَّكْعَتَانِ سُنَّةٌ بِلَا رَيْبٍ، وَمَا سِوَاهَا يُفْعَلُ، وَلَا يُتَّخَذُ سُنَّةً؛ فَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ، وَيُؤْمَرُ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ حَالُ السُّنَّةِ فَإِنَّ السُّنَّةَ تَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدَاوِمُ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ مَسْنُونٌ لَهُمْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا.
فَإِذَا قِيلَ: لَا سُنَّةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَانِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَأَمَّا النَّهْيُ الْعَامُّ فَلَا.
وَالْإِنْسَانُ قَدْ لَا يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ السَّلَفُ لَهُ قَضَاءَ وِتْرِهِ بَلْ وَقِيَامَهُ مِنْ اللَّيْلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى الضُّحَى. اهـ.
وعلى هذا فالأحوط أن يقتصر المصلي على ركعتين بعد طلوع الفجر وقوفاً مع ظاهر النهي واتباعاً للسنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُمنع من الزيادة لأن في صحة الحديث اختلافاً، ولعمل كثير من السلف بخلافه، ولكن شرطُ ذلك ألا يُتخذ عادة كما يختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
فعليكَ أن تبين للناس هذه الأحكام برفقٍ ولين، مراعياً ضوابط الإنكار في المسائل الخلافية، وأنه لا يتجاوز حدود تبيين وجهة النظر، مع إقرار وجود الخلاف، والحرص على أن تظل المودة باقيةً بينك وبين من تخالفه، نسأل الله أن يهدينا وإياك للرشد وأن يوفقنا لاتباع السنة.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى موقع إسلام ويب
¥