وكانت الفِعْلة (أي: القضاء على الدولة العبيدية) مِن أشرف أفعاله (أي: صلاح الدين الأيوبي)، فَلَنِعْمَ ما فعل؛ فإنّ هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا إلى مذهب التناسخ، واعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشباحهم.
وقال الذهبي: إن الحاكم قال لداعيه: كم في جريدتك؟ قال: ستة عشر ألفاً يعتقدون أنّك الإله.
قال شاعرهم:
فاحكم فأنت الواحد القهار ... ما شئتَ لا ما شاءت الأقدار!
فلعن الله المادح والممدوح، فليس هذا في القبح إلا كقول فرعون " أنا ربكم الأعلى ".
وقال بعض شُعرائهم في المهديّ برَقّادة:
حل بها آدمُ ونوحُ ... فما سوى الله فهو ريحُ
حلّ برقادة المسيحُ ... حلَّ بها الله في عُلاهُ
قال:
وهذا أعظم كُفراً من النّصارى؛ لأن النّصارى يزعمون أن الجزء الإلهيّ حلّ بناسوت عيسى فقط، وهؤلاء يعتقدون حُلُوله في جسد آدم، ونوح، والأنبياء، وجميع الأئمة.
هذا اعتقادهم لعنهم الله.
" تاريخ الإسلام " حوداث سنة 561 - 570، ص 274 – 281.
وعندما ادعى " عبيد الله " الرسالة أحضر فقيهين من فقهاء القيروان، وهو جالس على كرسي ملكه، وأوعز إلى أحد خدمه فقال للشيخين: أتشهدا أن هذا رسول الله؟ فقالا: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله: ما قلنا ذلك، فأمر بذبحهما.
" السير " (14/ 217).
2. ومن عقائدهم: ادعاء علم الغيب:
قال ابن خَلِّكان – رحمه الله -:
وذلك لأنهم ادَّعوا علم المغيبات، ولهم في ذلك أخبار مشهورة.
" وفيات الأعيان " (5/ 373، 374).
3. وكان يُسجد لهم، ويأمرون الناس بالسجود لهم، قال الذهبي رحمه الله:
ففي سنة 396 هـ خُطب بالحرمين لصاحب مصر " الحاكم "، وأُمَر الناس عند ذكره بالقيام، وأن يسجدوا له، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
" دول الإسلام " (1/ 350).
وكانوا إذا ذُكِر " الحاكم " قاموا وسجدوا له، قال الذهبي – رحمه الله -:
قاموا، وسجدوا في السُّوق، وفي مواضع الاجتماع، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فلقد كان هؤلاء العُبَيْدِيُّون شرّاً على الإسلام وأهله.
" التاريخ " حوادث 381 - 400، ص 234.
4. وكانوا يقتلون العلماء ممن لا يقول بقولهم: قال أبو الحسن القابسي صاحب " الملخص ":
إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه: أربعة آلاف في دار النحر في العذاب، مِن عالِم، وعابِد؛ ليردَّهم عن الترضي عن الصحابة.
" السير " (15/ 145).
5. وقد شاركوا القرامطة جرائمهم، قال الذهبي – رحمه الله -:
ففي أيام المهدي عاثت القرامطة بالبحرين، وأخذوا الحجيج، وقتلوا، وسبوا، واستباحوا حرم الله، وقلعوا الحجر الأسود، وكان عبيد الله يكاتبهم، ويحرِّضهم، قاتله الله.
" السير " (15/ 147).
6. سب الصحابة:
وفي أيامه (العزيز) أُظهر سبُّ الصحابةِ جِهَاراً.
" السير " (15/ 170).
فقد أمر بكَتْب سَبّ الصّحابة على أبواب المساجد والشّوارع، وأمر العمال بالسب في سنة خمسٍ وتسعين وثلاث مئة.
" تاريخ الإسلام " حوادث سنة 395، ص 283.
وقال:
وكان سَبُّ الصحابة فاشياً في أيامه (أي: المستنصر)، والسنَّة غريبة مكتومة.
" السير " (15/ 196).
وبالجملة فقد كانوا باطنية، قلبوا الإسلام، وأظهروا الرفض، وأبطنوا الزندقة.
قال الذهبي – رحمه الله -:
قلبوا الإسلام، وأعلنوا بالرفض، وأبطنوا مذهب الإسماعيلية.
" السير " (15/ 141).
وقال الذهبي – رحمه الله -:
وأما العبيديون الباطنية: فأعداء الله ورسوله.
" السير " (15/ 373).
وقال أيضاً – رحمه الله -:
لا يوصف ما قلب هؤلاء العبيديون الدِّين ظهراً لبطن.
" السير " (16/ 149).
وقال القاضي عياض – رحمه الله -:
قال أبو يوسف الرعيني: " أجمع العلماء بالقيروان: أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة ".
" ترتيب المدارك " (4/ 720)، وانظر " السير " (15/ 151).
وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في "الرد على البكري":
" العبيديون، وهم ملاحدة في الباطن، أخذوا من مذاهب الفلاسفة والمجوس ما خلطوا به أقوال الرافضة، فصار خيار ما يظهرونه من الإسلام دين الرافضة، وأما في الباطن فملاحدة، شر من اليهود والنصارى. . .
¥