فهل هذه الآية الكريمة تحتاج من المسلم حتى يفهمها ويتدبرها إلى رجوع للتفاسير؟.
كلا،بل هو يحتاج أن يتوقف قليلاً؛ ليعيش ذلك المشهد المهول،ويراجع حسابه مع قرب هذا اليوم: ماذا أعد له؟ وماذا يتمنى لو عرضت عليه الآن صحائف أعماله: حسنِها وسيئِها؟ ولماذا يتمنى الكافر أن يكون تراباً؟.
أحسب أن الإجابة عن هذه التساؤلات،كفيلة بأن يتحقق معها مقصود التدبر،وهذا ما قصدته بقولي ـ عن النوع الثاني من الفهم ـ: الفهم القلبي الإيماني.
ومن تأمل القرآن،وجد أن القضايا الكلية الكبرى واضحةٌ جداً،بحيث يفهما عامة من يتكلمون اللغة العربية،كقضايا التوحيد،واليوم الآخر بوعده ووعيده وأهواله،وأصول الأخلاق الكريمة والرديئة.
وعندي من أخبار التأملات التي أبداها بعض العامة،ما يجعلني أجزم أن من أعمل ذهنه قليلاً ـ مهما كان مستواه العلمي ـ في هذه الموضوعات،فسيظفرُ بخير عظيم.
وإليك هذا الموقف الذي وقع لرجلٍ عامي في منطقتنا حينما سمع الإمام يقرأ قول الله تعالى ـ في سورة الأحزاب: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً) قام فزعاً بعد الصلاة يقول لجماعة المسجد: يا جماعة! خافوا الله! هؤلاء خيرة الرسل سيسألون عن صدقهم،فماذا نقول نحن؟! فبكى وأبكى رحمه الله تعالى.
ومن وُفّق للتدبر،والعيش مع القرآن،فقد أمسك بأعظم مفاتيح حياة القلب،كما يقول ابن القيم:: "التدبر مفتاح حياة القلب"،وسيجد أن العيش مع القرآن لا يعادله عيش! ألم يقل الله تعالى لنبيه ج: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)؟ لا والله،ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمةً،ونوراً،ودليلاً إلى الجنة كما قال قتادة رحمه الله.
أسأل الله تعالى أن يفتح قلبي وقلبك لفهم كتابه،وتدبره على الوجه الذي يرضيه عنّا،وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=37&catid=73&artid=6335
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 09 - 07, 05:08 م]ـ
ليدبروا آياته
ماجد العريفي
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، الذي خصه بالقرآن المبين، والكتاب المستبين الذي هو أعظم المعجزات، و أكبر الآيات البينات، صلى الله على من أنزله عليه وعلى آله المختصين بالزلفى لديه.
وبعد:
أنزل الله تعالى كتابه هاديا لطريق السداد، وكافيا لمصالح العباد.
فهو نورٌ نهتدي به إذا أظلمت الأمور، وسورٌ نتحصن به عند نزول المحذور، وضياء تستمده البصائر فلا تزيغ عن الحق و لا تجور ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب))
أنزل الله تعالى كتابه ليكون منهجاً للحياة، و مشعلا للحق، فبه تنجلي ظلم الشكوك، وينحسر لثام الشبهات.
أودع فيه نصوص الأحكام، وبيان الحلال و الحرام، و المواعظ النافعة و العبر الشافية، والحجج الدامغة البالغة.
فكلما ازداد العبد تأملاً فيه، ازداد علماً وعملاً و بصيرة.
قال تعالى ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكرا أولو الألباب))
أحبتي في الله ... لذلك أنزله الله و أوحاه.
فلا يكتفي المسلم بهذِّه دون وعي، أو حفظه دون فهم، بل لابد من تأمله و تدبره و التفكر فيه.
قال السعدي _ رحمه الله _ في تفسيره ((كتاب أنزلناه إليك مبارك)) أي، فيه خير كثير وعلم غزير.
((ليدبروا آياته)) أي هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته فستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها.
فإنه بالتدبر فيه و التأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيه مرة بعد مرة تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال)) تفسير السعدي سورة ((ص 29))
¥