تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النافلة) فإن الناس يتهادون مأكولات خاصة في ليلة النصف من شعبان وهو يوم مولد آخر أئمة الشيعة الإمامية فهذه عادات انتقلت بخفية على حين غفلة، فإذا كانت هذه العادات من جنس واحد فليكن حكمها متّحد.

4. من جهة الاعتبار والنظر: وذلك من أوجه عديدة: -

الأول: أن الشريعة وُضعتْ على مقاصد كلية وفرعية تابعة لها، ومما يعرف به مقصد الشريعة في أمر ما السكوت عن التشريع مع قيام دواعيه المقتضية له، فرمضان زمن فاضل وفيه ليلة خير من ألف شهر .. فلمَ حثَّ الشرع على قيامها والدعاء فيها ولم يلتفت إلى مثل ليلتنا هذه، بل ولم يأمرنا أن نفرح ونلهو ونشتري الحلويات ونوزع المأكولات في ليل القدر مع إنها أولى من غيرها فكيف بليلتنا هذه، فهذان وجهان يبينان أن الذي وضع أهمية لهذه الليلة ليس عنده أثارة من علم النبوة وإنما هي أيدي العابثين وغفلة الغافلين فصار هذا من الإحداث الضار بالدين ومقاصده.

الثاني: أن ارتباط العادات بالعبادات من السرور والابتهاج والتوسع في المأكل والملبس له أصل في الشريعة وهو الأعياد الشرعية (الفطر والأضحى) وقد تقرر أن الأعياد الإسلامية من جملة الشريعة المحمدية التي لا يجوز تعدي حدودها، فلا يجوز إحداث أوقات ومواسم ليس لها أصل لتضاهي الأيام والمواسم الشرعية، ولا يجوز كذلك إحداث شعائر ومشاعر كالتوسع في المآكل والملابس في هذه المناسبات لتزاحم قداسة الأيام الإسلامية، فقد نهى العلماء عن مثل هذه المناسبات وعللوا هذا النهي بمثل ما قلت وأن هذا مضاهاة لأعياد الإسلام.

الثالث: مما يبين أنها من المحدثات: تخصيص هذه الليلة دون غيرها، وما يصرف فيها من أموال لشراء مآكل خاصة لتلك الليلة، وإلباس الأطفال ألبسة خاصة لتلك الليلة، والتجوال في الشوارع مع إنشاد أناشيد خاصة بتلك الليلة، فالشرع جعل الاحتفال بالأعياد الإسلامية من المقاصد الفرعية المكملة للمقاصد الكلية، فالمقصد الكلي الفرح بنعمة الإسلام وكمال الدين وإتمام النعمة، قال تعالى: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " فجعل الفرح بإكمال عبادة الصوم وشكران النعمة من الموصلات إلى رضوان الله ثم الاحتفال والتكبير في العيد ولبس الجديد فكذلك، أما الاحتفال بليلة ليس لها في قاموس الشريعة دليل إحداث فيها، ومزاحمة للأيام الشرعية المقصودة بعينها.

الرابع: نهىُ الله عن أن نقفُ ما ليس لنا به علم (والمعنى ما ليس له أصل شرعي) قال تعالى: (ولا تقفُ ما ليس لك به علم .. ) الآية، نقل ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية (ج3/ص236ط/ ابن تيمية) عن ابن عقيل الحنبلي قوله: لو تمسك الناس بالشرعيات تمسكهم بالخرافات لاستقامت أمورهم فإنهم لا يَكبُّون الرغيف على وجهه ولا يتزوج أحدهم في صفر .. ولعل الواحد منهم لو عوتب على ترك الجمعة والجماعات لأهون العتبة. فهذا قدر الدين عندهم يدّعون أنهم من أهله ولعل أحدهم يقول لا يحل طرح الرغيف على وجهه ثقة بما يسمع من النساء البله والسفساف ... انتهى كلامه؛ ثم قال ابن مفلح: ومن هذا ترك عيادة المريض يوم السبت وغير ذلك مما لا أصل له في الشرع ومنه تخصيص بعض الأيام بشيء كتخصيص بعضهم يوم الأربعاء بدخول الحمام والاستراحة وبعضهم له بالدعاء وزيارة القبور. انتهى. قلت: ومثله ما في بعض العادات الشعبية!! (المحلية) فالحائض والنفساء لا تزور من تزوجت حديثاً خوفاً على العروس من العقم!!، ومن تزوجت حديثاً لا تزور قريبتها التي تزوجت بعدها خوفاً من العقم كذلك!! وهناك من يكره ويتشاءم من الزواج بين العيدين، و من يبخر المولود (بالشبة والسويدا) طرداً للعين والحسد وهكذا في مسلسل طويل من العادات مخالفة للشرع وبعضها قادح في الاعتقاد أتكون شريعة الرحمن الحكيم الخبير منسوباً إليها مثل تلكم الخزعبلات الخرافية؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير