الخامس: تغليظ فعل المخالفات في الأمكنة والأزمنة الفاضلة، أما الأمكنة – فكالحرم- قال الله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). وأما الأزمنة: فكقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "، وهذا في حال الصيام. قال شيخ الإسلام: [[المعاصي في الأيام المعظمة والأمكنة المعظمة تغلظ معصيتها وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان]]. انتهى من الآداب الشرعية 3/ 430 وهذا المفعول هو في أيام عبادة وذكر لله. وفيه ما فيه من المخالفات كما سيأتي
السادس: من المعلوم أن العلماء نهوا عن التزام لبس السواد حال الحداد على الميت لأن هذا لا أصل له، ومثله نهيهم عن التزام الأخضر من اللباس للمرأة المحرمة لأنه لا أصل له، فإذا علم هذا فإن مدار الحكم عندهم على أنه لا أصل لهذه العادة التي أدخلت على هذه العبادات والشرائع فليكن حكم مسألتنا مثلها.
5. النقض باستعمال قاعدة سد الذرائع: وذلك من عدة جهات:
الأولى: إضاعة المال فيما لا فائدة فيه وفيما لا أصل له. وهذا منهي عنه شرعاً. فهاهنا مخالفتان: الأولى: إضاعة المال والثانية: فيما لا أصل له. فما الفائدة المرجوة من صرف هذه الأموال؟ والنبي صلى اله عليه وسلم قد نهى عن (قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) رواه مسلم.
الثانية: أن فشو هذا الأمر بهذه الطريقة إذا لم ينكر فإنه سيؤثر على الأصل المشروع (رمضان) كونه زمناً فاضلاً شرع فيه الصيام لتحقيق التقوى فهل هذا الاحتفال من وسائل تحقيق التقوى؟ إن السكوت على مثل هذا يفضي إلى تنامي هذه المحدثات لتصبح هذه المواسم الإيمانية مواسم للبدع المحدثة كما هو الحاصل في بعض الدول الإسلامية. وكما هو الحال في سائر البدع التي عظُمت بتقبل الناس لها وعُظمتْ حتى شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير واتخذت سنة!!
6. أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع واجتهدت في إحيائها والعمل بها أضاعت السنن والعمل بها، كمن يكثر الاستماع للغناء طلباً لصلاح قلبه فتنقص الرغبة عنده للاستماع إلى القرآن الذي به شفاء قلبه إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه. فإذا علمنا أن هذه الآثار السلبية موجودة من جراء تعاطي هذه العادة، وعلمنا ما ينتج عن هذا من مفاسد فالشريعة جاءت بدفع مثل هذه المفاسد وجلب المصالح وليس في إبقاء هذه العادة مصلحة شرعية واحدة ظاهرة فالواجب تركها.
7. مفاسد أخلاقية ظاهرة: (الدخول على النساء) من قبل غلمان قاربوا سن الاحتلام، فإن الله أمر – ترسيخا لأصل الحياء الإيماني – أولاد المسلمين بالاستئذان في ثلاثة أوقات حال دخولهم على آبائهم وأمهاتهم، هذا إذا لم يبلغوا الحلم وهي أوقات راحة ووضع للثياب، فترسيخاً لمبدأ الحياء لأنه من الإيمان طولبنا بهذا ديناً فكيف إذا كان الداخل على النساء ليس من الأولاد؟ بل كيف تهدر هذه الفضيلة من أجل تقديس عادة لا أصل لها، فالأولى بذوي العقول الرشيدة أن يمنعوا هذا عطفاً للنفوس على السنة، وتنفيراً لها من البدعة وما تفضي إليه.
8. النقض من جهة التاريخ: رجعنا إلى المادة التاريخية كدليل قائم شاهد لنقض هذه البدعة فيقال:
(أ) إنه لا يعرف تاريخ نشوء هذه المحدثة على وجه التحديد عبر التاريخ الإسلامي الممتد على مدى (15) قرناً من الزمان، هذا في العموم.
(ب) وعلى وجه الخصوص فإني اطلعت على عدة مقالات وأبحاث فيما يتعلق بالكركعان خاصة وما يتعلق بموضوع التراث الشعبي بشكل أعم ولم يستطع أحد من هؤلاء الباحثين أصحاب المقالات والكتابات أن ينسب هذه العادة إلى زمن أو تاريخ معين وأحسنهم من ينسبها إلى بعض الفرق الباطنية من الفاطميين أو العهد الصفوي الشيعي الإمامي. وهذه كلها اجتهادات في نطاق البحث التراثي، وعليه فإن المقرر شرعاً أن ما كان هذا حاله فإنه لا أصل له في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم فلا محل للقول بالجواز هنا، ثم إن هاهنا أصل مهم وهو: أن العادات والتقاليد محكومة بالشرع فإذا وافقت قواعد الشرع فإنها تقبل بناء على هذا الأساس وإلا فإنها ترد، والحجة علىالناس جميعاً ما كان في عصر الرسالة أو الخلفاء الراشدين.
3 - اعتراضان وبيان خطئهما:
¥