وقال الشافعي والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابهم: يجوز الاشتراك في الهدي التطوع، وفي الواجب، وفي الضحايا: البَدَنَة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور والطبري وداود بن علي، ولا يجوز عند واحد منهم اشتراك أكثر من سبعة في بَدَنة ولا بقرة. اهـ.
وقال في الاستذكار: وقال مالك: جائز أن يَذبح الرجل البدنة أو البقرة عن نفسه وعن أهل بيته، وإن كانوا أكثر من سبعة يشركهم فيها، ولا يجوز عنده أن يشتروها بينهم بالشركة فيذبحوها إنما تجزئ إذا تطوع بها عن أهل بيته، ولا تجزئ عن الأجنبيين. اهـ.
وأما دليل ذلك فحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِكَبْشٍ أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد، فأتى به ليضحى به، فقال: يا عائشة هَلُمّي الْمُدْيِة، ثم قال: اشحذيها بحجر. قالت: ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به. رواه مسلم.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. وقال الألباني: حَسَن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
وهذا شرح مفصل ياأخي للفضيلة الشيخ صالح العثيمين رحمه الله تعالى أسال الله أن تجد فيها مرادك ياأخي:
في جنس ما يضحى به وعمن يجزئ؟
الجنس الذي يضحى به: بهيمة الأنعام فقط لقوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (الحج: 34). وبهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم من ضأن ومعز، جزم به ابن كثير وقال: قاله الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب. اهـ. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)). رواه مسلم (41). والمسنة: الثنية فما فوقها من الإبل والبقر والغنم، قاله أهل العلم رحمهم الله.
ولأن الأضحية عبادة كالهدي، فلا يشرع منها إلا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل والبقر والغنم. والأفضل منها: الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم سبع البعير ثم سبع البقرة.
والأفضل من كل جنس أسمنه، وأكثره لحما، وأكمله خلقة، وأحسنه منظراً، وفي ((صحيح البخاري)) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين (42). والأملح ما خالط بياضه سواد.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد. أخرجه الأربعة. وقال الترمذي: حسن صحيح (43).
وعن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ضحى اشترى كبشين سمينين، وفي لفظ: موجوأين يعنى خصيين. رواه أحمد (44). فالفحل أفضل من الخصي من حيث كمال الخلقة؛ لأن جميع أعضائه لم يفقد منها شيء، والخصي أفضل من حيث أنه أطيب لحما في الغالب.
فصل
وتجزئ الواحدة من الغنم عن الشخص الواحد، ويجزئ سبع البعير أو البقرة عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. رواه مسلم (45). وفي رواية قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة (46).
ففي هذا دليل على أن سبع البعير أو البقرة قائم مقام الواحدة من الغنم، ومجزئ عما تجزئ عنه؛ لأن الواجب في الإحصار والتمتع هدي على كل واحد، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة فدل على أن سبعها يحل محل الواحدة من الغنم ويكون بدلا عنها والبدل له حكم المبدل.
فأما اشترك عدد في واحدة من الغنم أو في سبع بعير أو بقرة؛ فعلى وجهين:
¥