تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الأول: الاشتراك في الثواب، بأن يكون مالك الأضحية واحد ويشرك معه غيره من المسلمين في ثوابها فهذا جائز مهما كثر الأشخاص فإن فضل الله واسع، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها في قصة أضحيته بكبش قال لها: ((يا عائشة، هلمي المدية)) (يعني السكين) ثم قال: ((اشحذيها بحجر)) ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد ومن آل محمد ومن أمة محمد)) ثم ضحي به (47).

وفي مسند الإمام أحمد من حديث عائشة وأبي رافع رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين: أحدهما عنه وعن آله، والآخر عن أمته جميعا (48). ومن حديث جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما يضحي بكبش عنه وعمن لم يضح من أمته (49).

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون، رواه ابن ماجه والترمذي وصححه (50).

فإذا ضحى الرجل بالشاة عنه وعن أهل بيته أو من شاء من المسلمين صح ذلك، وإذا ضحى بسبع البعير أو البقرة عنه وعن أهل بيته أو من شاء من المسلمين صح ذلك، لما سبق من أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السبع منهما قائما مقام الشاة في الهدي، فكذلك في الأضحية ولا فرق.

ومن تراجم صاحب ((المنتقى)): باب أن البدنة من الإبل والبقر عن سبع شياه وبالعكس. وقال في كتابه المحرر: ويجزئ عن الشاة سبع من بدنة، وعن البدنة بقرة، وقال في ((الكافي)) في تعليل له: لأن كل سبع مقام شاة.

الوجه الثاني:

الاشتراك في الملك،

بأن يشترك شخصان فأكثر في ملك أضحية ويضحيا بها، فهذا لا يجوز، ولا يصح أضحية إلا في الإبل والبقر إلى سبعة فقط، وذلك لأن الأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى، فلا يجوز إيقاعها ولا التعبد بها إلا على الوجه المشروع زمناً وعدداً وكيفية.

فإن قيل: لماذا لا يصح وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (الزلزلة:7). وكما لو اشتركا في شراء لحم فتصدقا به ولكل منهما من الأجر بحسبه؟

فالجواب: أنه ليس المقصود من الأضحية مجرد اللحم للانتفاع أو الصدقة به، وإنما المقصود بالأضحية إقامة شعيرة من شعائر الله على الوجه الذي شرعه الله ورسوله، فوجب تقييدها بحسب ما جاء به الشرع، ولذلك فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة النسك حيث قال: ((من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة اللحم أو فهو لحم قدمه لأهله، ومن ذبح بعد الصلاة؛ فقد أصاب النسك ـ أو قال: فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين)) (51)، كما فرق صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر بين ما دفع قبل الصلاة وما دفع بعدها، فالأول زكاة مقبولة، والثاني صدقة من الصدقات، مع أن كلا منهما صاع من طعام، لكن لما كان المدفوع قبل الصلاة على وفق الحدود الشرعية؛ كان زكاة مقبولة، ولما كان المدفوع بعدها على غير وفق الحدود الشرعية؛ لم يكن زكاة مقبولة، وهذه هي القاعدة العامة الشرعية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) (52)، أي: مردود على صاحبه، وإن كانت نيته حسنة؛ لعموم الحديث.

ولو كان التشريك في الملك جائزا في الأضحية بغير الإبل والبقر؛ لفعله الصحابة رضي الله عنهم؛ لقوة المقتضى لفعله فيهم، فإنهم كانوا أحرص الناس على الخير، وفيهم فقراء كثيرون قد لا يستطيعون ثمن الأضحية كاملة، ولو فعلوه لنقل عنهم؛ لأنه مما تتوفر الدواعي على نقله لحاجة الأمة إليه.

ولا أعلم في ذلك حديثا إلا ما رواه الإمام أحمد من حديث أبي الأشد عن أبيه عن جده قال: كنت سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا نجمع لكل واحد منا درهماً فاشترينا أضحية بسبعة دراهم فقلنا: يا رسول الله، لقد أغلينا بها فقال: ((إن أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها)) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رجل برجل، ورجل برجل، ورجل بيد، ورجل بيد، ورجل بقرن، ورجل بقرن، وذبحها السابع وكبرنا عليها جميعا (53).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير