تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تَحْقِيقِ الْبُطْلَانِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ عَدَمُ تَحْقِيقِ الصِّحَّةِ إِلَخْ. نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مُلَخَّصًا.

(9) إِنَّ فِي رِوَايَاتِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ اخْتِلَافَاتٌ أُخْرَى، كَقَوْلِهِ فِي أَطْوَلِهَا عَنْ تَمِيمٍ: " إِنَّهُ رَكِبَ سَفِينَةً بَحْرِيَّةً مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ أُرْفِؤُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ فَجَلَسُوا فِي أَقْرَبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ " وَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " حَدَّثَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا فِي الْبَحْرِ فِي سَفِينَةٍ لَهُمْ فَانْكَسَرَتْ بِهِمْ فَرَكِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَخَرَجُوا إِلَى سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ: " إِنَّ بَنِي عَمِّ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَكِبُوا فِي الْبَحْرِ " وَفِي رِوَايَةٍ: " إِنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَتَاهَتْ بِهِ سَفِينَةٌ فَسَقَطَ إِلَى جَزِيرَةٍ فَخَرَجَ إِلَيْهَا يَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلَقِيَ إِنْسَانًا يَجُرُّ شَعْرَهُ " وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَالِاخْتِلَافَاتُ فِيهَا مُتَعَدِّدَةٌ كَمَا تَرَى، وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ.

وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ أَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْعِلَلِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْإِشْكَالِ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَصْنُوعٌ، وَأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَيْسَ لَهُ كُلُّهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ الْمُشْكِلَةِ الَّتِي انْتَقَدَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مِنْ جِهَةِ صِنَاعَةِ عِلْمِ أُصُولِ الْحَدِيثِ وَتَعَارُضِ الْمُتُونِ أَوْ مُخَالَفَتِهَا لِلْوَاقِعِ. وَعَدَّ مِنْ عِلَلِ بَعْضِهَا احْتِمَالَ كَوْنِهَا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، فَقَدْ ذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَشُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالُوا جَمِيعًا: " الدَّجَّالُ لَيْسَ هُوَ بِإِنْسَانٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مُوثَّقٌ بِسَبْعِينَ حَلْقَةً فِي بَعْضِ جَزَائِرِ الْيَمَنِ لَا يُعْلَمُ مَنْ أَوْثَقَهُ سُلَيْمَانُ النَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ؟ فَإِذَا آنَ ظُهُورُهُ فَكَ اللهُ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ حَلْقَةً، فَإِذَا بَرَزَ أَتَتْهُ أَتَانٌ، عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَضَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْبَرًا مِنْ نُحَاسٍ، وَيَقْعُدُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ قَبَائِلُ الْجِنِّ يُخْرِجُونَ لَهُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ ".

قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ إِيرَادِ هَذَا: (قُلْتُ) وَلَا يُمْكِنُ مَعَهُ كَوْنُ ابْنِ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ، وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ مَعَ كَوْنِهِمْ ثِقَاتٍ تَلَقُّوا ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ نُعَيْمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الدَّجَّالَ تَلِدُهُ أُمُّهُ بِقُوصٍ مِنْ أَرْضِ

مِصْرَ. (قَالَ) وَبَيْنَ مَوْلِدِهِ وَمَخْرَجِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً. (قَالَ) وَلَمْ يَنْزِلْ خَبَرُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ اهـ، وَأَخْلَقُ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَبْلَ نَبِيِّنَا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَكَوْنُهُ يُولَدُ قَبْلَ مَخْرَجِهِ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُخَالِفٌ لِكَوْنِهِ ابْنَ صَيَّادٍ، وَلِكَوْنِهِ مُوثَقًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْحَافِظِ. وَهُوَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الِاعْتِصَامِ مِنَ الْفَتْحِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير