تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، وَفِي مَعْنَاهُ إِقْرَارُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ عَلَى حَلِفِهِ بِأَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَمَا تَقَدَّمَ.

إِنَّ مَا قَالُوهُ فِي الْعِصْمَةِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا ; فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ هُوَ الْعِصْمَةُ فِي التَّبْلِيغِ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَعَنْ تَعَمُّدِ عِصْيَانِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ. قَالَ الْسَّفَارِينِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَتِهِ: قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَإِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُؤَدُّونَ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسُوا مَعْصُومِينَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ: إِنَّهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَمْ يُعْصَمُوا فِي الْأَفْعَالِ بَلْ فِي نَفْسِ الْأَدَاءِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ فِي الْأَقْوَالِ فِيمَا يُؤَدُّونَهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَقَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْصُومٌ مِنْ تَعَمُّدِ الذَّنْبِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالْحَشْوِيَّةِ الَّذِينَ نُقِلَ عَنْهُمْ تَجْوِيزُ ذَلِكَ إِلَخْ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَتَصْدِيقُ الْكَاذِبِ لَا يُعَدُّ ذَنْبًا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَدِّقُ بَعْضَ مَا يَفْتَرِي بِهِ الْمُنَافِقُونَ حَتَّى يُخْبِرَهُ اللهُ بِمَا كَانَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ إِخْبَارُهُ بِهِ مِنْهُ، كَمَا وَقَعَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَغَيْرِهَا، وَصَدَّقَ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ فِي الْقِصَّةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ، حَتَّى أَخْبَرَهُ تَعَالَى بِهِ وَبِأَنَّ مَنْ أَسَرَّ إِلَيْهَا الْحَدِيثَ أَفْشَتْهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (66: 3) وَتَرَدَّدَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَضَاقَ صَدْرُهُ زَمَنًا حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَاتُ الْبَرَاءَةِ الْمُكَذِّبَةُ لَهُمْ فِي سُورَةِ النُّورِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ ذِكْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقِصَّةِ تَمِيمٍ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي يَقُولُهُ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَمَا أَنَّ مَا يَقُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْيهِ وَظَنِّهِ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَا هُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ، وَهُوَ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْأَلَةِ تَلْقِيحِ النَّخْلِ: " إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثَتْكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ " وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ " رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.

وَقَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي مَسْأَلَةِ تَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوَائِلِ شَرْحِ الْإِلْمَامِ إِذَا أُخْبِرَ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلًا عَلَى مُطَابَقَةِ مَا فِي الْوَاقِعِ، كَمَا وَقَعَ لِعُمَرَ فِي حَلِفِهِ عَلَى أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَدُلُّ عَدَمُ إِنْكَارِهِ عَلَى أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ كَمَا فَهِمَهُ جَابِرٌ حَتَّى صَارَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَسْتَنِدُ إِلَى حَلِفِ عُمَرَ، أَوْ لَا يَدُلُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَدُلُّ ; لِأَنَّ مَأْخَذَ الْمَسْأَلَةِ وَمَنَاطَهَا هُوَ الْعِصْمَةُ مِنَ التَّقْرِيرِ عَلَى بَاطِلٍ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير