تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: أنه هو الذي كان الخلفاء الراشدون يفعلونه بعده صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الناس وأتقاهم وأشدهم إتباعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حج أبو بكر بالناس مفردا، وحج عمر بن الخطاب عشر سنين بالناس مفردا، وحج عثمان بهم مدة خلافته مفردا، قالوا: فمدة هؤلاء الخلفاء الراشدين الثلاثة حول أربع وعشرين سنه وهم يحجون بالناس مفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره،لما واضبوا عليه هذه المدة الطويله، كما حكى هذا النووي في شرح مسلم.

ومنها: أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة، وكره عمر وعثمان وغيرهما التمتع، وبعضهم كره التمتع والقران، وإن كانو يجوزونه فكان ماأجمعوا على أنه لاكراهة فيه أفضل.

ومنها ماجاء في صحيح مسلم، مطولا عن عروة بن الزبير بأن الخلفاء الراشدين الثلاثة والمهاجرين والأنصار كانت عادتهم أن يأتو مفردين بالحج ثم يتمونه. وقد أخرجه البخاري أيضاً.

وأجاب المخالفون بأن حديث عروة السابق مدفوع بجواب ابن عباس، وكذلك جواب ابن حزم.

فأما جواب ابن عباس فهو قوله: (تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عروة: نهى ابو بكر، وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: أراكم ستهلكون، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول: قال أبو بكر وعمر).

ورد أصحاب هذا القول بأن عروة قد أجاب ابن عباس فأسكته، حيث جاء في رواية عند عبدا لرزاق أن عروة قال لابن عباس حينما أنكر عليه: لهما أعلم بسنة رسول الله وأتبع لها منك.

قالوا: فترى عروة أجاب ابن عباس بجواب أسكته به، ولا شك أن الخلفاء الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان كانوا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتبع لها، لايمكن ابن عباس أن ينكر ذلك.

فأما جواب ابن حزم فهو قوله: إن ابن عباس أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر، من عروة، وأنه يعني ابن عباس خير من عروة وأولى منه بالنبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، ثم ساق آثارا من طريق البزار وغيره عن إبن عباس يذكر فيها التمتع عن ابي بكر، وعمر، وأن أول من نهى عنه معاوية، ولا يخفى سقوط كلام ابن حزم هذا.

أما قوله: إن ابن عباس أعلم من عروة وأفضل، فلا يرد رواية عروة بسند صحيح عن الخلفاء الراشدين، أنهم كانو يفردون كما ثبت في صحيح مسلم، وابن عباس لم يعارض عروة بأن فعلهما كان مخالفا لما ذكره عروة من الإفراد، وإنما احتج أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالإتباع من أمرهم، وقد أجابه عروة بأنهما مافعلا إلا ماعلما من النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أكمل وأتبع لسنته صلى الله عليه وسلم. وأما الآثار التي رواها من طريق ليث وغيره، فلا يخفى أنها لاتعد شيئا مع ماثبت في الصحيحين عنهم من الروايات التي لامطعن فيها أنهم كانوا يفضلون الإفراد.

ومن فهم كلام الخلفاء الراشدين حق الفهم، علم أنهم يعلمون جواز التمتع والقران علماً لايخالجه شك، ولكنهم يرون أنه أتم للحج والعمرة أن يفصل بينهما كما لايخفى.

ومن الأدلة التي استدل بها القائلون بأفضلية الإفراد، هو ماذكره النووي رحمه الله في شرح المهذب، قال: ومنها: أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهه وكره عمر وعثمان وغيرهما ممن ذكرناه قبل هذا التمتع، وبعضهم كره التمتع والقران , وإن كانوا يجوزونه على ماسبق تأويله، فكان ما أجمعوا على أنه لاكراهة فيه أفضل.

تنبيه: لو قال قائل: هؤلاء الذين يفضلون الإفراد على غيره من الانساك كمالك والشافعي وأصحابهما، بأي جواب يجيبون عن الاحاديث الصحيحه الوارده بأنه صلى الله عليه وسلم، كان قارنا، والأحاديث الواردة بأنه كان متمتعاً والأحاديث الواردة على انه تأسف هو على أنه ساق الهدي الذي صار سبباً لمنعه من التحلل بعمره، ومعلوم انه لايتأسف على فوات العمرة، إلا وهي أفضل من غيرها، والقران الذي اختاره الله له لايكون غيره أفضل منه، بأن الله لايختار لنبيه في نسكه إلا ماهو الأفضل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير