ويؤكد د. محمد السيد سليم أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومدير مركز البحوث والدراسات الآسيوية: إن الرياضة هي أحد أساليب ترسيخ النظام الحاكم. ويوضح ذلك قائلاً: الألعاب الرياضية بصفة عامة ذات طبيعة تنافسية، ويجب أن يكون فيها منتصر ومهزوم، ومنذ بدء دورة الألعاب الأولمبية في القرن العشرين ارتبطت الفرق الرياضية باسم دولتها، وأصبح الانتصار أو الهزيمة منسوبا للدولة، وتستغل الدول النامية هذا الأمر لإثبات قدرتها على الإنجاز، فإذا ربح الفريق تنسب النصر لها وبذلك تكتسب شرعية، بينما تحرص على التأكيد على مسؤلية الفريق الرياضي عن الهزيمة في حالة خسارته، كما تحرص الدول على استغلال الرياضة لتوحيد الأعراق المختلفة بين شعوبها تحت علم الدولة.
ويضيف د. سليم أن شعوب العالم الثالث تفتقد المشاركة الحقيقية في الحياة السياسية، ولذلك تلجأ للألعاب التنافسية لتلبية هذه الحاجة عن طريق تأييد أو معارضة الفرق الرياضية بشكل صريح ودون خوف، وهو الأمر الذي تشجعه حكومات الدول النامية.
الرياضة والسياسة
لقد أصبحت الكرة، في ظل تطور المجتمعات، أكثر من مجرد لعبة. يقول د. محمد السيد سليم: إن الرياضة تساهم بشكل واضح في الحياة السياسية، فهي أداة من أدوات السياسة الخارجية لإثبات هيبة الدولة. فعلى سبيل المثال كرواتيا أو البرازيل عندما تحققان مركزًا متميزًا في مباريات كأس العالم فإن ذلك يحقق لأي منهما هيبة سياسية رغم ضعفهما على المستويين السياسي والاقتصادي.
كما أن الرياضة أداة من أدوات السياسة الخارجية، حيث لعب فريق الولايات المتحدة للبينج بونج مع الفريق الصيني عام 1971، تمهيدًا لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، فيما عرف بدبلوماسية البينج بونج. وهذا ما يدخل بنا في نطاق الأهداف الحميدة للرياضة، من حيث كونها وسيلة لتقارب الشعوب، فهذا الأمر في جوهره يتعامل مع الرياضة كوسيلة لا غاية، كما هو الحال في الممارسة الرياضية الآنية التي تم اتخاذها غاية واستبيحت لأجلها كل القيم، من رشوة للحكام إلى الإضرار باللاعبين… إلخ.
جنون الكرة لهو يعادل الخمر
وعن حكم الشرع في اهتمام العالم الإسلامي بكرة المحترفين، يرى د. يحيى إسماعيل أن تركيز العالم الإسلامي على متابعة مباريات كأس العالم -كمثال- يعدل تعاطي المسكرات المحرمة شرعًا، حيث إنها ألهت عقول الأمة وغيّبتها وأعمت بصيرتها عما يُراد بها ويستهدفها.
وأكد د. يحيى إسماعيل على أن العقل من المقاصد الخمسة التي استهدفت الشريعة الإسلامية حفظها، فإضاعته حرام، وما يؤدي للحرام فهو حرام.
ويضيف د. يحيى إسماعيل أن الوقت لا يسمح بأي حال من الأحوال أن نركز على متابعة مباريات الكرة، بينما يدافع النساء والأطفال عن المسجد الأقصى. ويؤكد أن الظروف المحيطة بالأمة في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والفليبين وغيرها من الأقطار .. تجعل الأمة في حالة زحف، ويكون التولي عن هذا الزحف جريمة حيث يقول الله تعالي: "وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (الأنفال: 16).
ويقول د. عبد المهدي عبد المقصود: قد يحرم علينا متابعة المباريات؛ حيث إن ذلك ضياع للوقت فيما لا فائدة منه، والمسلم محاسب عن عمره فيما أفناه. ويستدل على ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه؟ " (رواه الطبراني في المعجم الكبير).
ويرى د. رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر جواز مشاهدة مباريات كرة القدم، ويقاس عليها الرياضات التي تُعرض لغرض الترفيه ما لم يكن بها محرم منصوص عليه، ويستدل على ذلك بقول أحد الصحابة: "روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلّت ملّت"، ويشترط لذلك ألا تتعارض المباريات مع واجبات العبادة. لكن: هل هذا الشرط محل اعتبار من الجمهور المسلم الذي يتابع مباريات الكرة؟.
¥