تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لَأَبَانَ اللَّهُ تَعَالَى غَايَةَ الْبَيَانِ بَلْ كَرَّرَ تَعَالَى كَوْنَ الْأَمْرِ إلَى الْأَوْلِيَاءِ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ، وَلَمْ يَأْتِ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ إنْكَاحَ نَفْسِهَا، وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ نِسْبَةَ النِّكَاحِ إلَيْهِنَّ فِي الْآيَاتِ مِثْلُ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} مُرَادٌ بِهِ الْإِنْكَاحُ بِعَقْدِ الْوَلِيِّ إذْ لَوْ فُهِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا لَأَمَرَهَا بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ بِذَلِكَ، وَلَأَبَانَ لِأَخِيهَا أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ، وَلَمْ يُبِحْ لَهُ الْحِنْثَ فِي يَمِينِهِ وَالتَّكْفِيرَ، وَيَدُلُّ لِاشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ {عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا ثُمَّ قَالَتْ فِي آخِرِهِ: فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ} فَهَذَا دَالٌّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَّرَ ذَلِكَ النِّكَاحَ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْوَلِيُّ، وَزَادَهُ تَأْكِيدًا بِمَا قَدْ سَمِعْت مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَيَدُلُّ لَهُ نِكَاحُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ، وَقَوْلُهَا: إنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِهَا حَاضِرًا، وَلَمْ يَقُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكِحِي أَنْتِ نَفْسَك مَعَ أَنَّهُ مَقَامُ الْبَيَانِ، وَيَدُلُّ قَوْله تَعَالَى {، وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} فَإِنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ بِأَنْ لَا يُنْكِحُوا الْمُسْلِمَاتِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ

يَجُوزُ لَهَا إنْكَاحُ نَفْسِهَا لَمَا كَانَتْ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُنْكِحُهَا وَلِيُّهَا أَيْضًا فَيَلْزَمُ أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَفِ بِالدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ إنْكَاحِ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمَاتِ لِأَنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى نَهْيِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ إنْكَاحِ الْمُشْرِكِينَ لَا عَلَى نَهْيِ الْمُسْلِمَاتِ أَنْ يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ مِنْهُمْ، وَقَدْ عُلِمَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْلِمَاتِ فَالْأَمْرُ لِلْأَوْلِيَاءِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ وِلَايَةٌ فِي النِّكَاحِ، وَلَقَدْ تَكَلَّمَ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ عَلَى الْآيَةِ بِكَلَامٍ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ فَقَالَ: الْآيَةُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ خِطَابًا لِلْأَوْلِيَاءِ أَوْ لِأُولِي الْأَمْرِ ثُمَّ قَالَ.

فَإِنْ قِيلَ هُوَ عَامٌّ، وَالْعَامُّ يَشْمَلُ أُولِي الْأَمْرِ وَالْأَوْلِيَاءَ قُلْنَا: هَذَا الْخِطَابُ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ بِالْمَنْعِ، وَالْمَنْعُ بِالشَّرْعِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ، وَكَوْنُ الْوَلِيِّ مَأْمُورًا بِالْمَنْعِ بِالشَّرْعِ لَا يُوجِبُ لَهُ وِلَايَةً خَاصَّةً بِالْإِذْنِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ يُوجِبُ اشْتِرَاطَ إذْنِهِمْ فِي النِّكَاحِ لَكَانَ مُجْمَلًا لَا يَصِحُّ بِهِ عَمَلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَصْنَافِ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَا مَرَاتِبِهِمْ، وَالْبَيَانُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ا هـ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ لِكَافَّةِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُكَلَّفِينَ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِصَدْرِهَا أَعْنِي قَوْلَهُ {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وَالْمُرَادُ لَا يُنْكِحُهُنَّ مَنْ إلَيْهِ الْإِنْكَاحُ، وَهُمْ الْأَوْلِيَاءُ أَوْ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُمْ الْأُمَرَاءُ عِنْدَ فَقْدِهِمْ أَوْ عَضْلِهِمْ لِمَا عَرَفْت مِنْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير