قال عبد الرزاق: أكل سفيان مرةً تمراً بزُبدٍ , ثم قام يصلي حتى زالت الشمس. الذهبي"سير أعلام النبلاء" (7/ 243)
وقال عبدالرزاق: دعا الثوري بطعام ولحم , فأكله ثم دعا بتمر وزبد فأكله , ثم قام يصلي , وقال: أحسن إلى الزِّنجي وَكُدَّه. الذهبي"سير أعلام النبلاء" (7/ 243)
وقال عبد الرزاق أيضا: لما قدم سفيان علينا , طبخت له قدر سكباج (لحم يطبخ بخل) فأكل , ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل , ثم قال: يا عبد الرزاق أَعْلِف الحمار وَكُدَّه , ثم قام يصلي. الخطيب "تارخ بغداد" (9/ 158)
وكان قد تغدَّى , وأتى برطب فأكل , ثم قام إلى الصلاة فصلَّى ما بين الظهر والعصر , ثم قال: يقال: إذا زِدت في قضيم الحمار (أي علف الحمار) , فزِد في عَمَلِه ابن أبي حاتم " مقدمة الجرح والتعديل" (85)
وعن أبي خالد الأحمر قال: أكل سفيان ليلة فشبع فقال: إن الحمار إذا زيد في عَلَفِه زيد في عمله , فقام حتى أصبح. ابن أبي حاتم " مقدمة الجرح والتعديل" (86)
وأضاف سفيانَ رجلٌ من أهلِ مكة؛ فقربَّ إليه الطعام , فأكل أكلاً جيداً , ثم قرَّب إليه التمر , فأكل أكلاً جيداً , ثم قرَّب إليه الموز , فأكل أكلاً جيداً , ثم قام فشدَّ وسطه فقال: يقالُ: أشبع الحمار ثم كَدَّه , فلم يزل منتصبا حتى أصبح. ابن أبي حاتم " مقدمة الجرح والتعديل" (96)
قال منصور بن سابق: ألحَّ على سفيان رجلٌ من إخوانه من أهل البصرة؛ في التَّزويج , فقال له: فزوجني. فخرج سفيان إلى مكة , وأتى الرجلُ البصرة فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة , ممن لها المال والشرف , فأجابوه , وهيأت قطارا من الحشم والمال , حتى قدمت مكة على سفيان , فأتى الرجلُ سفيان فقال له: أخطب عليك؟ فقال: من؟ قال: أبنت فلان -أحد الأشراف والوجهاء بالبصرة , فقال: مالي فيها حاجة. إنما سألتك أن تزوجني امرأة مثلي. قال فإنهم قد أجابوا , فقال له: مالي فيها حاجة. قال: تفضحني عند القوم , قال: مالي فيها حاجة، قال: فكيف أصنع؟ قال: ارجع إليهم فقل لهم: لا حاجة لي فيها. فرجع فأخبرهم , فقالت المرأة: فبأي شيء يكرهني؟ قال: المال! قالت: فإني أخرج من كل مالٍ لي وأصبر معه. فجاء الرجل فرِحاً نشيطا فأخبره. فقال: لا حاجة لي فيها , امرأةٌ نشأت في الخير مَلِكَةً! لا تصبر على هذا. فأبى أن يقبلها فرجعت.
ابن أبي حاتم " مقدمة الجرح والتعديل" (91)
قال عبد الرزاق: بعث أبو جعفر الخشابين حين خرج إلى مكة , وقال: إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه , فجاء النجّارون ونصبوا الخشب , ونودي عليه , فإذا رأسه في حجر الفضيل بن عياض , ورجلاه في حجر ابن عيينه , فقيل له: يا أبا عبد الله اتق الله! لا تشمت بنا الأعداء , فتقدَّم إلى الأستار , ثم أخذه , وقال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر. قال: فمات أبو جعفر قبل أن يدخل مكة , فأُخبر بذلك سفيان , فلم يقل شيئا!. الخطيب "تاريخ بغداد" (9/ 159)
قال الذهبي: هذه كرامة ثابتة , سمعها الحاكم من أبي بكر محمد بن جعفر المزكي , سمعت السراج , عنه. "سير أعلام النبلاء" (7/ 251)
لقد كان سفيان يرى من الواجب عليه أن يأمر الخلفاء وينهاهم , ويرى عدم السُّكوت على أي مخالفة تظهر منهم؛ لما أخذ الله من العهد والميثاق على العلماء من بيانٍ وعدم إخفاءٍ لأمر الله , لأن هذا يوجب اللَّعن كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159)} [سورة البقرة 2/ 159] ويرى أن السُّكوت عنهم من فعلِ الأممِ الهالكة , كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)} [سورة آل عمران 3/ 187] رغم أنه لا يُكفرهم ولا يرى الخروج عليهم أصلا , ولكن يرى وجوب أَمْرِهِم ونهيهم , ورغم قبولهم منه الأمر والنهي , إلا أنه كان يخشى صُحبتهم والدُّنو منهم , فكان لهذا أعظم الأثر في تغيرهم عليه وملاحقته , حتى آل به الأمر إلى الطَّردِ والتَّشْريدِ , وربما أدَّى إلى استباحة
¥