تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإنسان قد يكتفى بالتأثيم ولا يجب عليه البدن كما يذكر بعض العلماء فيمن ترك صلاة حتى خرج وقتها يقول العلماء لا يجب أن يأتي بهذه الصلاة قضاء وأن إثمه أعظم وإذا كان معذورا حتى خرج وقتها وجب عليه القضاء كحال من ترك يوما من رمضان متعمدا قالوا: لا يجب عليه القضاء وقول بعض العلماء لا يجب عليه القضاء لأن إثمه أعظم من أن يأتي بهذا اليوم وعليه التوبة ولكن لو تركه ناسيا أو مضطر وجب عليه أن يقضي ذلك اليوم فيفرقون بين أمثال هذه المسائل كما يفعل اضطرارا ويكون الإنسان فيه معذور وبينما يكون الإنسان ليس بمعذور.

الوجه الثاني: أن النبي عليه الصلاة والسلام قد حج معه فئام كثير من الصحابة قال بعضهم أنهم أكثر من مئة ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عامر بن عبد الله أن النبي عليه الصلاة والسلام تبعه من أصحابة فئام كثير منهم من لحق به بالمدينة ومنهم من لحق به بذي الحليفة ومنهم من لحق به في أثناء الطريق منهم من لحقه بمكة كعلي بن أبي طالب وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد مع ورود المخالفة وفعل المحظور قطعا عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أوجب على أحد منهم أو نقل على أحد منهم الفدية على الإطلاق بكل محظور وترك كل واجب.

الوجه الثالث: أن حديث عبد الله بن عباس رضوان الله عليه موقوف عنه وهو العمدة في هذا الباب والذي يعتمد عليه سائر من يقوم بهذه الفدية موقوف على عبد الله بن عباس ولم يروه عنه إلا سعيد بن جبير ولم يروه عن سعيد بن جبير إلا أبي أيوب السختياني وأمثال هذه المسائل لما تكون فردا في هذا الباب وهي من الأفراد التي يأخذ بها العامة فلما كان الناقد لها سعيد بن جبير وهو من الأئمة في نقل الأحكام وأصحاب عبد الله بن عباس كثر فلم ينقل عنه دل على أن النقل هنا ليس المراد به الإطلاق أو أن المراد به الإطلاق وليس المراد به الإلزام وإلا لنقله أصحاب عبد الله بن عباس ومعلوم أن عبد الله بن عباس رضوان الله عليه تعالى من المتأخرين وفاة وقد عاش بعد النبي عليه الصلاة والسلام أكثرمن خمسين سنة فدل على أن هذا الدليل في الإستدلال به قصور الوجه.

الرابع: أنه قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قد جاءه من وقع في محظور من المحظورات كالرجل الذي قد تضمخ بخلوق ورخص للعباس وللضعفه وكذلك لرعاة الشاة ولم يوجب عليهم دما ولم ينقل ذلك من وجه صحيح ولا من وجه ضعيف.

الوجه الخامس: أنه قد جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى كما رواه سعيد بن جبير بإسناد صحيح عنه في الرجل الذي فاته المبيت بعرفة فجاء قبل الفجر إلى عمر بن الخطاب وهو بمزدلفة فقال: أوفقت بعرفة؟ قال: لا،قال: اذهب وقف بها فصلى عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى صلاة الفجر ثم ركب راحلته وهو ينتظر ويقول أجاء الرجل أم لا؟ فوقف حتى جاء ثم انصرف وقطعا أنه لم يبت بمزدلفة ولم يوجب عليه دم وإن كان معذورا.

الوجه السادس: أن اثر عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى نصه أن من ترك شيئا من نسكه أو نسيه فساوى بين التارك عمدا والناسك ومعلوم أن الله عز وجل قال في كتابه العظيم (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما خبر (عفي عن أمتي الخطأ والنسيان) وإن كان بعض العلماء يقولون هنا أن العفو هنا المراد به التأثير وليس الفدية ولكن يقال أن الإيجاب الذي قد ورد عن عبد الله بن عباس من جهة الفدية واجب على التارك عمدا كذلك التارك نسيانا وخطأ وسهوا وحكاية الإجماع على وجه العموم بالأخذ بحديث عبد الله بن عباس عليه نظر فقد ذهب غير واحد من العلماء إلى أن من فعل شيئا من محظورات الإحرام أو ترك واجبا أو ناسيا لا يشمل بالخطاب وهذا قد قال به غير واحد من السلف من الأئمة وغيرهم قد قال به الإمام أحمد فيمن ترك المبيت بمزدلفة وكذلك فيمن ترك المبيت بمنى وهو ساهي وناسي ولا يعلم وجاء هذا أيضا عن غير واحد من الأئمة والذي يظهر والله أعلم أن القول بالنسيان أنه يلزمه الفدية فيه نظر وذلك للآية السابقة وقد ذهب شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم إلى استثناء الناسي والساهي في فعل محظور من محظورات الإحرام مع أن عمدتهم هو أثر عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير