الوجه السابع: أن الخلفاء الراشدين عليهم رضوان الله تعالى كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي مع أنهم حجوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا لم يثبت عن أحد منهم أنه أوجب على أحد دم في محظور من محظورات الإحرام مع ورود ذلك قطعا.
الوجه الثامن: أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة بالإطلاق أنه أوجب الفدية على من فعل محظورا من محظورات الإحرام أو ترك واجبا إلا ما جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى.
الوجه التاسع: أن الأئمة عليهم رحمة الله الذين قالوا بوجوب الفدية إعتمادا وإستنادا على أثر عبد الله ابن عباس عليه رضوان الله تعالى لم يطردوا بذلك على وجه العموم فإنه قد ثبت عن غير واحد منهم أنه نص على بعض الأعمال أنها من محظورات الإحرام ومع ذلك لم يقولوا في وجوب الفدية كما تقدم الإشارة إليه في مسألة قص الشعر وقص الأظفار وكذلك بعض العلماء كمن أوجب طواف الوداع وقال لمن تركه وهو معذور أو كان ناسيا أنه آثم ولا يجب عليه شيء وهذا مروي عن على بن المنذروهو قول الإمام مالك وكذلك في مسألة ترك المبيت بمنى ليالي التشريق علم به أحمد عليه رحمة الله وغير ذلك من المسائل.
الوجه العاشر: أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى مع حجهم مع النبي عليه الصلاة والسلام وكثرتهم وتضافرهم والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (خذوا عني مناسككم) ولا مفتي في مثل هذا إلا النبي عليه الصلاة والسلام ولا يعتد بأحد إلا به فالنفوس تتشوف للمتابعة مثل هذا الموضع أكثر من غيره وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام ما حج والناس يقتدون به إلا هذه المرة وأمر بالإقتداء به عليه الصلاة والسلام والناس فئام كثير وقد ذكر بعض المؤرخين أنهم أكثر من مئة ألف ومع ذلك لم يثبت عن أحد منهم أنه نقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أن في ترك المحظورات دم.
والوجه الحادي عشر: أن إيجاب الدماء قد جعله كثير من العامة بديلا لفعل الواجب أو الالتزام باجتناب المحظور حتى غيب عند كثير من العامة جانب التأثيم والتوبة خاصة عند من استهان بحدود الله وخاصة يكثر هذا عند أهل الثراء الذين يقولون أن لديهم أعمالا وحاجات أو أهل الرياسة ونحو ذلك الذين يقولون أن لديهم مشاغل فيتركون المبيت أيام منى ويتركون رمي الجمار ويتركون أيضا طواف الوداع ويدفعون عن كل واحد من الواجبات فدية ثم يخرجون وعليه يقال حينئذ أنه يقف بعرفة ثم ينصرف ولا يجب عليهم حينئذ شيء وهذا ما فيه من التساهل في حدود الله وقد تساهل بعض المفتين في هذا الباب تساهلا عريضا حتى هونت كثير من الشعائر وقللت الهيبة في حدود الله سبحانه وتعالى في المناسك عند كثير من الناس ولم يبينوا جانبا مهما متفقا عليه عند العلماء وهو جانب التأثيم والتحريم فيقال أن من فعل شيئا من المحظورات وجب عليه التوبة وأن حجه ليس بمبرور ومن ترك شيئا من الواجبات متعمدا وجب عليه التوبة.
والوجه الثاني عشر: أن أموال الناس معصومة ولا يجوز إخراجها إلا بدليل بين فحينما يوجب على الشخص إخراج الدم أي الفدية أو التصدق فإنه يلزم من ذلك الإلزام بالأنفاق وعند المخالفة التأثيم وهذا ينبغي أن يكون بنص صحيح صريح وهذا لا ورود له لا في الكتاب ولا في السنة وإن مجراه القياس غير مكتمل الشروط.
قلت: أرجو الرد على هذه الأوجه جميعا إن أمكن!!
ـ[أبو سلاف القصيمي]ــــــــ[30 - 11 - 08, 01:07 ص]ـ
هذه المسألة قد أشكلت عليّ كثيراً .. وقد بحثتُ وأعدتُ النظر فيها .. فخرجتُ ببعض الأمور أرجو أن تزيد الموضوع إثراءً وفائدة .. فأقول:
المتأمل يجد أن قول شيخنا الشيخ العلوان والشيخ الطريفي له حقٌ من النظر وهو الأقرب للقياس لاسيما مع وجود قضايا -في الأدلة- متماثلة لكنها اختلفت في الحكم كـ (حديث حلق الرأس والفدية فيه مع وجود العذر) وحديث (لبس السروايل بدون الفدية مع وجود العذر) فكلها فعل محظور ومع ذلك لزمت الفدية في الحلق ولم تلزم في اللبس مما يدل على أن الفدية في المحظور لا يقاس عليها ..
لكن أشكل عليّ في ترك القياس في فدية المحظور أمران هما:
الأمر الأول:
¥