تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما صنيع البخاري فأفهمُ منه أنه أعلَّ الروايةَ المعلقةَ بالمتصلة، يؤيدُه روايةُ الأكثرية عن أبي مُسهر، ومُتابعةُ جمعٍ له على الوجه الموصول، كما بيّن ابن عساكر والذهبي، والله أعلم.

فهذا الإسناد لمتن "اللهم علمه الكتاب" وهمٌ بلا شك، وقد ذكر البزار أن الحديث المذكور لا يُروى إلا بالإسناد المشهور عن معاوية بن صالح.

حديث ابن عباس رضي الله عنهما:

رواه ابن عدي (5/ 1810) وأبوالقاسم عبد العزيز الأزجي في مجلس من أماليه (مع أمالي ابن بشران 2/ 286 رقم 1522) وابن عساكر (59/ 78) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 271) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الجُمَحي، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا بمثله.

قال ابن عساكر إنه وجهٌ ضعيف، وأعلّه ابن الجوزي -تبعا لابن عدي- بالجمحي.

قلت: تعقّبَ الذهبيُّ في الميزان (3/ 47) بأن عثمان بن عبد الرحمن هذا هو الوَقّاصي القرشي لا الجمحي، والوقاصي أشد ضعفا من الجمحي، فهو متروك.

ووقعت نسبتُه على الصواب فيما رواه ابن البَخْتَري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (رقم 85 وهو في مجموع مصنفات ابن البختري ص467) من طريق عثمان بن عبد الرحمن القرشي، عن عطاء، عن ابن عباس به.

فهذا السند ضعيف جدا.

حديث مَسْلَمة بن مُخَلَّد رضي الله عنه:

رواه ابن بطة (تلخيص الذهبي 223) ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 272) من طريق أبي سلمة موسى التَّبُوذَكي.

ورواه الطبراني في الكبير (19/ 439 رقم 1065) والآجري في الشريعة (1919) وابن بطة وابن الجوزي من طريق الحسن بن موسى الأشيب.

ورواه البغوي في معجم الصحابة (5/ 365) والطبراني (19/ 438 رقم 1066) والآجري (1918) من طرق عن سليمان بن حرب.

ثلاثتهم عن أبي هِلال محمد بن سُلَيم الرَّاسِبي، نا جَبَلَة بن عَطية الفلسطيني، عن مَسْلَمة بن مُخَلَّد مرفوعا بلفظ: "اللهم علّمه الكتاب، ومكّن له في البلاد، وقه العذاب".

وعلّقه ابنُ عبد الحكم مِن حديث أهل البصرة عن أبي هلال به. (فتوح مصر ص267)

قلت: قد اضطَرَب أبوهلال في الإسناد:

فقال ابن سعد (1/ 108 تحقيق السلومي) -ورواه من طريقه ابن عساكر (59/ 78): أخبرنا سليمان بن حرب والحسن بن موسى، قالا: حدثنا أبوهلال محمد بن سليم، قال: حدثنا جبلة بن عطية، عن مسلمة بن مخلد.

قال الحسن بن موسى الأشيب: قال أبوهلال: أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد.

وقال سليمان بن حرب: أو حدّثه مسلمةُ عن رجل، أنه رأى معاوية يأكل، فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمّك هذا لمِخْضَد، ثم قال: أما إني أقول هذا، وقد سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره)

وقال الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 915) وابن قُتَيبة في الغريب (1/ 394): حدثنا الحسن بن موسى، ثنا أبوهلال، ثنا جبلة بن عطية، عن مسلمة بن مخلد -أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد- به.

ورواه الخلال في السنة (2/ 451) من طريق سليمان بن حرب، ثنا أبوهلال، عن جبلة، عن مسلمة، أو حدثه مسلمة عن رجل.

ورواه ابن عساكر (59/ 78) من طريق ابن أبي خيثمة، نا أبي سلمة موسى بن إسماعيل، نا أبوهلال الراسبي، نا جبلة، عن رجل من الأنصار، عن مسلمة به.

وهذا الحديث أعلّه ابن الجوزي بضعف أبي هلال.

وقال الذهبي في التلخيص: لم يصح.

وقال في ترجمة جبلة بن عطية من الميزان (1/ 389): "لا يُعرف، والخبر منكر بمرة، وهو من طريق ثِقَتَين عن أبي هلال محمد بن سليم، قال حدثنا جبلة، عن رجل، عن مسلمة .. " (فذكر الحديث)

وتعقبّه ابن حجر في اللسان (2/ 96) قائلا: "لعلّ الآفة فيه من الرجل المجهول .. "، ثم نقل توثيق جبلة.

وقال قَبلَهُما ابنُ عبد الحكم: "وربما أدخلَ بعضُ المحدّثين بينَ جبلة بن عَطيّة وبين مَسلمة رجلا".

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 109) بعد أن عزاه للطبراني: "وجبلة لم يسمع من مسلمة، فهو مرسل، ورجاله وُثِّقوا، وفيهم خلاف".

قلت: أبوهلال فيه ضعفٌ (تهذيب الكمال 25/ 292)، وقد اضطربَ فيه كما تَقدم، وجبلة ثقة (تهذيب الكمال 4/ 500)، ولكن عدّه ابن حبان من أتباع التابعين، وذكر له المزي ثلاثة شيوخ، كلهم من التابعين، فيظهر لي أن الأقرب من الأوجه رواية أبي هلال، عن جبلة، عن رجل، عن مسلمة.

وهذا سند ضعيف، وتقدم تضعيف الحفاظ لهذه الرواية عموما، إلا أنَّ لفظة: "ومَكِّن له في البلاد" -من حيث الصنعة الحديثية- منكرةٌ لا شاهد لها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير