سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرَوَانَ بِدِمْشَقَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلاسٍ ثَنَا سَلْمٌ الْخَوَّاصُ به)).
وقال أبو جعفر العقيلى ((الضعفاء)) (2/ 165): ((حدَّث بمناكير لا يتابع عليها))، وذكر الحديث بنحو رواية ابن حبان.
وقال أبو أحمد بن عدى ((الكامل)) (3/ 327): ((روى أحاديث عن جماعة ثقات، لا يتابعه الثقات على أسانيدها ومتونها. أحاديثه مقلوبة الإسناد والمتن، وهو في عداد المتصوفة الكبار، وليس الحديث من عمله، ولعله كان يقصد أن يصيب فيخطىء في الإسناد والمتن، لأنه لم يكن الحديث من عمله)).
وذكر أبو أحمد حديثه بنحو رواية ابن حبان، وزاد عليه مما عنده من مقلوبات الأسانيد والمتون، قال: حدثنا صَالِحُ بْنُ أَبِى الْجَوْنِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِىُّ ثَنَا سَلْمٌ الْخَوَّاصُ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيْيَنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
قلت: وهذا متن صحيح بإسنادٍ مقلوبٍ غريبٍ، لم يروه هكذا إلا الْخَوَّاصُ، وإنما الحديث لابْنِ عُيْيَنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ ابْنِ جَثَّامَةَ قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
أخرجه أبو داود (2672): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيْيَنَةَ به.
وأما الحافظ أبو نعيم الأصبهانى، فقد ذكره فى موسوعته ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) (8/ 281:277). وللحافظ الأصبهانى ذلك، أليس من غايته ذكر الزهاد والصوفية!!. ولكنه صَدَقَنَا الكشفَ عن حاله، إذ ذكر غرائب رواياته ومناكيرها، عمن روى عنهم من الأئمة: مالك، وابن عيينة، وأبى خالد الأحمر. فذكر له جملة أحاديث غرائب مناكير، أنكرها خمسة:
[أولها] حديثه المنكر شبه الموضوع عن أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرَ ((إِذَا مِتُّ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَإِنْ اِسْتَطَعْتِ أَنْ تَمُوتَ، فَمُتْ)).
[ثانيها] حديثه المقلوب الإسناد عن سُفْيَانَ بْنِ عُيْيَنَةَ ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ)).
[ثالثها] حديثه المنكر عن مَالِكِ بْنِ أَنِسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لا إِلَهَ إِلا اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، كَانَ لَهُ أَنِيسَاً فِي وُحْشَةِ الْقَبْرِ، وَاِسْتَجْلَبَ الْغِنَى، وَاِسْتَقْرَعَ بَابَ الْجَنَّةِ)).
وقال: ((غريب من حديث سَالِمِ الْخَوَّاصِ عن مَالِكٍ)).
[رابعها] حديثه المنكر عن عَلِىِّ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ الْعَمَرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من قال في سوق من الأسواق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة)).
وقال: ((غريب من حديث عبد الله العمرى عن سالم، تفرد عنه على بن عطاء)).
[خامسها] حديثه الموضوع عن الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ عَنْ أُخْتِهِ أُمَيْنَةَ بِنْتِ مَعْنٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤمِنِينَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكْثَرُ خَرَزِ الْجَنَّةِ الْعَقِيقُ)).
وقال: ((غريب من حديث الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، لم نكتبه إلا من هذا الوجه)).
قلت: وأبو نعيم الحافظ، وإن ذكر هذا الحديث فى ترجمة ((سَلْمُ الْخَوَّاصُ))، إلا أنه قال فى إسناده ((أَبُو مُحَمَّدٍ سَلْمُ الزَّاهِدُ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ))، وليس هو الْخَوَّاصَ، وإنما هو سَلْمُ بْنُ سَالِمِ أبُو مُحَمَّدٍ الْبَلْخِىُّ الزَّاهِدُ، وكأنَّه اشتبه عليه، فظنه الْخَوَّاصَ!!.
وكذلك اشتبه على أبى حاتم بن حبان، فسمَّاه ((سَلْمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ))، وفرَّق بينه وبين ((سَلْمِ بْنُ سَالِمِ الْبَلْخِىِّ)).
فقال فى ((المجروحين)) (1/ 344): ((سَلْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ أبُو مُحَمَّدٍ. يروي عن الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ ما ليس من حديثه، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار. روى عن الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ عَنْ أُخْتِهِ أُمَيْنَةَ بِنْتِ مَعْنٍ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قالت: كان أزواج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبسن العقيق في القلائد، فسألتُ عَائِشَةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهَا عن ذلك، فقالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكْثَرُ خَرَزِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَقِيقُ)) اهـ.
وقد أجاد وأفاد الشيخ الألبانى ـ طيَّب الله ثراه ـ فى ((سلسلته الضعيفة)) (1/ 266/233) فى بيان ما وقع من الاشتباه فى سند هذا الحديث، وجزم بوضعه.
والخلاصة، فإن سَالِمَ بْنَ مَيْمُونَ الْخَوَّاصَ الزَّاهِدَ ليس ممن يعتمد على نقله، لكثرة مناكيره، وغفلته، وسوء حفظه.
وثمَّة آفةٍ أخرى فى إنشاد الخواص هذه الأبيات، ونسبتها لاِبْنِ الْمُبَارَكِ، يأتى بيانها إن شاء الله تعالى.
¥