ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[04 - 01 - 05, 08:17 ص]ـ
وثمَّة آفةٍ أخرى فى نسبة الخواص هذه الأبيات لاِبْنِ الْمُبَارَكِ، وهى: أنها ليست من بنات أفكاره، ولا من وحى ابتداعه، وإنما أنشدها عن غيره مقتصراً على بيتين أو ثلاثة.
فقد قال ابن عساكر ((تاريخ دمشق)) (32/ 466): أخبرنا أبُو السَّعَادَاتِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ وَأبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ حَمْزَةَ قَالا: أخبرنا أبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ أنا أبُو سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ نَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيِا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الأَهْوَازِيُّ نَا أبْو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أنه كَانَ يَتَمَثَّلُ:
رُكُوبُ الذُّنُوبِ يُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَقَدْ يُورثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلوبِ ... وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَاقلت: وهذا إسناد أمثل وأجود من كل سوابقه، شيخا ابن عساكر فما فوقهما موثقون، وأبْو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُّ من الأثبات الحفاظ الرفعاء، وقد حفظ أن عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ إنما كان يتمثل بشعر غيره، ولم يقله من قِِبَلِ نفسِه، ولم يزد على هذين البيتين.
وكذلك كان يتمثل بها إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الْبَلْخِىُّ أحد مشاهيرالزهَّاد.
فقد أخرج ابن عساكر ((تاريخ دمشق)) (6/ 336): أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا رشأ بن نظيف أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب نا أحمد بن مروان نا محمد بن عمرو النصري نا عبد الله بن هارون البزاز حدثني أبو عبد الله القلانسي رفيق إبراهيم بن أدهم قال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتٍ مِنْ الشِّعْرِ:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَيُتْبِعُهَا الذلّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلوبِ ... وَالْخَيْرُ لِلنَّفْسِ عِصْيَانُهَا
وَمَا أَهْلَكَ الدَّينَ إِلا الْمُلُوكُ ... وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
وَبَاعُوا النَّفُوسَ فَلَمْ يَرْبَحُوا ... وَلَمْ تَغْلُ بِالْبَيْعِ أَثْمَانُهَا
لَقَدْ وَقَعَ الْقَوْمُ فِي جِيفَةٍ ... يَبِينُ للْعَاقِلِ إِنْتَانُهَاويتبع، إن شاء الله تعالى.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[04 - 01 - 05, 08:33 ص]ـ
الْحَمْدُ للهِ نَاصِرِ الْحَقِّ وَرَافِعِى لِوَائِه. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتّمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى أَتقَى خَلْقِهِ وَأَوْلِيائِه.
ذكر جامع الديوان فى القسم الثانى منه: فيما نُسِبَ له ولغيره، بعنوان: ثمرة العلم.
قال: قال عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:
الْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ ... فَاطْلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ الْعِلْمِ وِالأَدَبَا
لا خَيْرَ فِيمَنْ لَهُ أَصٌْل بِلا أَدَبٍ ... حَتَّى يَكُونَ عَلَى مَا فَاتَهُ حَدَبَا
كَمْ مِنْ شَرِيفٍ أَخِى عِىٍّ وَطَمْطَمَةٍ ... فَدْمٍ لَدَى الْقَوْمِ مَعْرُوفٍ إِذَا اِنْتَسَبَا
فِي بَيْتِ مَكْرُمَةٍ آبَاؤُهُ نُجُبٌ ... كَانُوا رُؤوسَاًً فَأَمْسَى بَعْدَهُمْ ذَنَبَا
وَخَامِلٍ مُقْرِفِ الآبَاءِ ذِي أَدَبٍ ... نَالَ العَلاءَ بِهِ وَالْجَاهَ وَالنَّسَبَاقلت: هذه الأبيات من عيون الشعر وعرائسه، ومن أحسن ما مُدح به العلم والمتعلِّم، ولكنها ليست لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ!!، وذكرُها فى ديوانٍ منسوبٍ له هو من الحشو، بنسبة القول إلى غير قائله، وإنما هى لأَبِي الأَسْوَدِ الدِّيَلِيِّ ظَالِمِ بْنِ عَمْرٍو، وبأطول مما هاهنا.
وكان أبُو الأَسْوَدِ من الفصحاء البلغاء، ومن أنطق أهل طبقته بالشعر، وكان يقول: إِنِّي لأَجِدُ للحن غَمَرَاً كَغَمَرِ اللحم.
وأكثر كتب الأمالى والشواهد الأدبية تنسب هاتيك الأبيات لأَبِي الأَسْوَدِ، وربما نسبها بعضهم لصالح بن عبد القدوس الواعظ.
¥