تسجيل متابعة وتكحيل العين بإثمد كتاباتكم السنِّة العليِّة
سبك موفق ونمق مدقق
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[22 - 01 - 05, 09:32 ص]ـ
الحبيب الودود / ابن دحيان
جَزَاكَ اللهُ عَنْ ذَا الْمَدْحِ خَيْرَاً ... وَكَانَ لَكَ الْمُهَيمِنُ خَيْرَ رَاعِ
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[22 - 01 - 05, 08:33 م]ـ
فضيلة الشيخ البحاثة أبا محمدٍ الألفي - وفقكم الله و نفع بمشاركاتكم –
أولا: أسأل الله تعالى أن يبارك فيما تكتبون، و أن ينفعني بها و جميع إخواني أهل هذا الملتقى المفيد.
و ثانيا: إتماما و تكميلا لما ذكرتم، أقول – والله الموفق -:
قلتم – حفظكم الله – تعقيبا على كلام الخطيب حول رواية أبي بكر الشافعي: (قلت: كذا قال أبو بَكْرٍ الْحَافِظُ، واتهم بهذه الرواية أبَا بَكْرٍ الشَّافِعِىَّ، وهو من أبعد النَّاس عن هاتيك التهمة، وكيف غاب عنه هذان الأمران البيِّنان غاية البيان:
[أولهما] أنَّ أبَا بَكْرٍ الشَّافِعِىَّ لم يتفرد به عن الْكُدَيْمِيِّ، فقد تابعه عنه: أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ أبْو بَكْرٍ النَّجَّادُ. ومن طريقه أخرجه الخطيب نفسه!.).
.....
أقول: أولا: الخطيب رحمه الله لم يتهم أبا بكر بأصل القصة، بل لم يرد بكلامه بيان حال سندها، و لا اتهام أحدٍ بها؛ كيف و حال الكديمي لا تخفى عليه؟!.
و إنما أشار إلى شيء دقيقٍ، و هو دال على نظرٍ دقيقٍ، معهودٍ عليه في جميع تصانيفه رحمه الله، و بيان ذلك أن رواية الشافعي للقصة كانت على السياق التالي: (قَالَ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرُوزِيُّ: كُنْتُ عَنْدَ فُضِيلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارِكِ، فقال: إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا الْمَالَ، فَاتْقِ اللهَ، وَخُذْ مِنْ هَؤلاءِ الْقُومِ ـ يعنى الْخُلَفَاءَ ـ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الْمُبَارِكِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: .. )
و هكذا الرواية في الجامع في طبعتين منه؛ طبعة الطحان 1/ 364، و طبعة رأفت سعيد 2/ 10.
و الذي أشار إليه الخطيب، هو قول راويها عبدة: (فقال: إن أهلك و عيالك .. ) و قائلها يخاطب بذلك ابن المبارك.
و القائل هذا = هو الفضيل كما هو واضحٌ من سياق القصة،
لكنكم ظننتم أن القائل شخصٌ آخر، فزدتم بعد قول عبدة، فقال كلمة [رجل]، فصار القائل رجلا آخر غير قائلها و هو الفضيل، لتتوافق مع رواية النجاد
؛ و لأجل هذا استغربتم كلام الخطيب عقبها.
و الذي زدتم - وفقكم الله - لا وجود له في الجامع و لا في تاريخ دمشق.
فالقول قول الفضيل، و قد تعقبه ابن المبارك بالأبيات.
و لا يمكن أن يكون القول للراوي، فإنه قد قال: كنت عند فضيل، .. فقال ..
و لا كذلك لابن المبارك، فإن فيه عقب هذا: فزجره ابن المبارك، يريد قائل ذلك الكلام، و هو الفضيل كما بينّا.
....
و بهذا يعلم لِم قال الخطيب: (هكذا روى لي الرزاز هذا الخبر، والمعروف أن ابن المبارك كان من ذوي الأحوال والتجارات بصنوف الاموال، وأن فضيلاً كان من الفقراء، وأحد المعدودين في الزهاد و الأولياء، وكان من فقره وحاجته يتورع عن قبول مال السلطان وغيره، وأحسب الشافعي لم يضبط الحكاية، ودخل عليه الوهم حتى رواها من حفظه).
و تعليله واضح بيِّن، و لذا عقبها بالرواية السالمة من هذا الوهم، فذكر رواية النجاد، و فيها: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا أبا علي، إِنَّ عِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ).
و الخطاب هنا للفضيل، و حاله متوافقٌ مع ما تضمنه خطاب هذا الرجل، و الله أعلم.
و بهذا يزول ما استشكل من كلام الخطيب رحمه الله.
.........................
و ثالثا: بخصوص الشعر الذي جاء ذكره في ذلك الديوان، فإن له إسنادًا آخر، غير الإسناد هذا، الذي في إسناده الكديمي.
فقد أخرجه ابن عساكر (32/ 464 - 465) من طريق أبي مروان عبدالملك بن بحر بن شاذان المكي قال: أنشد أبو خالد يزيد بن محمد بن حماد العقيلي لعبد الله بن المبارك، مع تغاير في ترتيب الأبيات، و اختلاف في بعضها، دون القصة السابقة، و إسنادُها يصلُح في مثل هذا.
و أبو خالد هذا جد أبي جعفر العقيلي، و مِن شيوخه مَن كان كاتبًا لابن المبارك.
¥