ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[23 - 01 - 05, 01:39 م]ـ
الْحَمْدُ للهِ تَعَالَى. وَالصَّلاةُ الزَّاكِيَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ تَتَوَالَى. وَبَعْدُ
الشيخ الحبيب الْمُسَدَّد / أبو تيمية
عَلَيْكَ تَحِيَّةُ الرَّحْمَنِ تَتْرَى ... تَحَايَا رَائِحَاتٍ غَادِيَاتِأحسنتم وصدقتم، ونصحتم وبررتم. وهكذا هى رواية أَبِى بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ فى نسختى من ((الجامع لأخلاق الراوى)) (طبعة الطحان)، ليس فيها ذكر كلمة (رجل)، بل خالية منها كما ألمحتم، وسياقها هكذا:
قال أَبُو بَكْرٍ الحافظ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ نَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ إِمْلاءً مِنْ حِفْظِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ نَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرُوزِيُّ قَالَ: كُنْتُ عَنْدَ فُضِيلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا الْمَالَ، فَاتْقِ اللهَ، وَخُذْ مِنْ هَؤلاءِ الْقُومِ ـ يعنى الْخُلَفَاءَ ـ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الْمُبَارِكِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: وذكر الأبيات.
فرواية الشَّافِعِيِّ هذه، والتى نسب الْخَطِيبُ الوهمَ فيها إليه، جعلتْ قولَه ((إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ)) من كلام الْفُضِيلِ بْنِ عِيَاضٍ يخاطبُ به ابْنَ الْمُبَارَكِ. وهذا خطأ بلا شكٍ ولا ريبٍ، إذ لم يكنْ ابْنُ الْمُبَارَكِ بحالٍ من الفقر يجهد معه أهلُه وعيالُه، ويحتاجُ معه إلى أموال السلاطين، وإنما كانت هذه حال الْفُضِيلِ، وكان مع ذا متورعاً متعففاً لا يقبل أعطياتهم، فضلاً عن نصيحة غيره من خلانه بقبولها. ولهذا أعقبها الْخَطِيبُ ببيانين:
[أولهما] التعليق على هذه الرواية بقوله (والمعروف أن ابن المبارك كان من ذوي الاحوال والتجارات بصنوف الاموال، وأن فضيلاً كان من الفقراء، وأحد المعدودين في الزهاد والاولياء).
[ثانيهما] التعقيب برواية النجَّاد، وفيها (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، إِنَّ عِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ)، والتى جعلت قائلَ ذلك رجلاً يخاطبُ به الْفُضِيلَ بْنَ عِيَاضٍ، وابْنُ الْمُبَارَكِ جالسٌ عنده، فزجره ابْنُ الْمُبَارَكِ لذلك.
قلتم: ((و بهذا يزول ما استشكل من كلام الخطيب رحمه الله)).
وأقول: لكنه لم يزل بالكليَّة. فمع اختلاف وجهى الرواية، وبيان الْخَطِيبِ لوجهها الأرجح، فلا يتجه نسبة أَبِى بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ إلى الوهم، بدعوى أنه رواها إملاءً من حفظه.
فإن قلتم: ((الخطيب رحمه الله لم يتهم أبا بكرٍ الشَّافِعِيَّ بأصل القصة، بل لم يرد بكلامه بيان حال سندها، و لا اتهام أحدٍ بها)).
فأقول: فما معنى قوله ((وأحسب الشَّافِعِيَّ لم يضبط الحكاية، ودخل عليه الوهمُ حين رواها من حفظه))!. وعلام دلتا هاتين الكلمتين ((لم يضبط الحكاية)) و ((ودخل عليه الوهمُ))!.
فبيِّنٌ لمن تأمل هاتين الكلمتين: اتهام أبِى بكرٍ الشَّافِعِيِّ بهذا الوجه الذى رواه، ولا يعنى ذلك بحالٍ تعصيب الجناية به، مع الجزم بأنَّ مدار الحكاية من كلا الوجهين على مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْكُدَيْمِيِّ الكذَّابِ، وعليه فلا غضاضة من دفع التهمة عن أَبِى بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ بقولنا ((واتهم أبو بَكْرٍ الْحَافِظُ بهذه الرواية ـ أعنى الوجه الأول ـ أبَا بَكْرٍ الشَّافِعِىَّ، وهو من أبعد النَّاس عن هاتيك التهمة)).
فإن قيل: فممن الخطأ والوهم إذن فى رواية الشَّافِعِيِّ؟.
قلنا: من الْكُدَيْمِيِّ، لا من غيره، فهو مُخْتَلِقُ هذه الحكاية. والكذب ذو ألوان ووجوه، وتخبط واضطراب.
وأما المتابعة المذكورة عن جد أَبِى جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِىِّ لأمِّه: أَبِى خَالِدٍ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْعُقَيْلِىِّ فلا تنتهض بها حجَّة كما سيأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[23 - 01 - 05, 09:35 م]ـ
أحسنتم و بررتم - أنتم كذلك أيها الشيخ الجليل -
.....
و إتماما لما قلته قبلُ، أقول:
قولي سابقا: (((و بهذا يزول ما استشكل من كلام الخطيب رحمه الله)).
¥